responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 450


لأنه يجمع من ضروب الخوف ما لا يجمعه الوعيد بذكر العقاب . وربما قال الوالد لولده : إن عصيتني فأنت عارف بي وأنت تعلم قدرتي عليك وشدة سطوتي . فيكون هذا الكلام في الزجر أبلغ من ذكر الضرب وغيره . فإن قيل : أفهذه الآية مشتملة على الوعد كما أنها مشتملة على الوعيد ؟ قلنا : نعم من حيث أتبعه بقوله : * ( حَكِيمٌ ) * فإن اللائق بالحكمة أن يميز بين المحسن والمسيء ، فكما يحسن من الحكيم إيصال العذاب إلى المسيء فكذلك يحسن منه إيصال الثواب إلى المحسن ، بل هذا أليق بالحكمة وأقرب للرحمة » « 1 » .
وبعد أن أمر اللَّه المؤمنين بالدخول في السلَّم كافة ، ونهاهم عن الزلل عن طريقه المستقيم ، عقب ذلك بتهديد الذين امتنعوا عن الدخول في السلَّم فقال : * ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّه فِي ظُلَلٍ . . . ) * .
ينظرون : أى ينتظرون . يقال : نظرته وانتظرته بمعنى واحد .
وظلل : جمع ظلة . كظلم جمع ظلمة - وهي ما أظلك من شعاع الشمس وغيره .
والغمام : اسم جنس جمعى لغمامة ، وهي السحاب الرقيق الأبيض ، سمى بذلك لأنه يغم ، أى يستر . ولا يكون الغمام ظلة إلا حيث يكون متراكبا والاستفهام للإنكار والتوبيخ .
والمعنى : ما ينتظر أولئك الذين أبوا الدخول في الإسلام من بعد ما جاءتهم البينات ، إلا أن يأتيهم اللَّه يوم القيامة في ظلل كائنة من الغمام الكثيف العظيم ليحاسبهم على أعمالهم ، وتأتيهم ملائكته الذين لا يعلم كثرتهم إلا هو - سبحانه - وإتيان اللَّه - تعالى - إنما هو بالمعنى اللائق به - سبحانه - مع تنزيهه عن مشابهة الحوادث ، وتفويض علم كيفيته إليه - تعالى - . وهذا هو رأى علماء السلف .
وقوله : * ( وقُضِيَ الأَمْرُ ) * معناه على هذا الرأى : أتم - سبحانه - أمر العباد وحسابهم فأثيب الطائع وعوقب العاصي ، ولم تعد لدى العصاة فرصة للتوبة أو تدارك ما فاتهم . وقد ارتضى هذا الرأى عدد من المفسرين منهم ابن كثير فقد قال في معنى الآية : يقول اللَّه - تعالى - مهددا للكافرين بمحمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم * ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّه فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ والْمَلائِكَةُ ) * يعنى : يوم القيامة نفصل القضاء بين الأولين والآخرين ، فيجزى كل عامل بعمله : إن خيرا فخير وإن شرا فشر ! ! ولهذا قال - تعالى - * ( وقُضِيَ الأَمْرُ وإِلَى اللَّه تُرْجَعُ الأُمُورُ ) * « 2 » .


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 231 . ( 2 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 248 .

450

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست