نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 449
وقوله : * ( ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّه لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) * تحذير لهم مما يصدهم عن الدخول في السلَّم . أى : أدخلوا في السلَّم واحذروا أن تتبعوا مدارج الشيطان وطرقه إنه لكم عدو ظاهر العداوة بحيث لا تخفى عداوته على عاقل . والخطوات . جمع خطوة - بفتح الخاء وضمها - وهي ما بين قدمي من يخطو . وفي قوله : * ( ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ) * إشعار بأن الشيطان كثيرا ما يجر الإنسان إلى الشر خطوة فخطوة ودرجة فدرجة حتى يجعله يألفه ويقتحمه بدون تردد ، وبذلك يكون ممن استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر اللَّه . والعاقل من الناس هو الذي يبتعد عن كل ما هو من نزغات الشيطان ووساوسه ، فإن صغير الذنوب قد يوصل إلى كبيرها ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه . وقوله : * ( إِنَّه لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) * جملة تعليلية ، مؤكدة للنهى ومبينة لحكمته . وقوله : * ( فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) * تفريع على النهى ، وترهيب من العقاب الذي سيصيب المتبعين للشيطان . قال القرطبي : وأصل الزلل في القدم ، ثم استعمل في الاعتقادات والآراء وغير ذلك . يقال : زل يزل زلا وزللا وزلولا ، أى : دحضت قدمه . والبينات : جمع بينة ، وهي الأدلة والمعجزات ، ومجيئها : ظهورها . والمعنى : فإن تنحيتم عن طريق الحق ، وعدلتم عنه إلى الباطل ، من بعد أن ظهرت لكم الأدلة المفرقة بين الصواب والخطأ ، والتي تدعوكم إلى اتباع طريق الحق ، فاعلموا أن اللَّه * ( عَزِيزٌ ) * لا يقهر ولا يعجزه الانتقام ممن زل * ( حَكِيمٌ ) * لا يترك ما تقتضيه الحكمة وإنما يضع الأمور في مواضعها . وجيء في الشرط بإن ، لندرة حصول الزلل من المؤمنين ، إذ الشأن فيهم ذلك . وقوله : * ( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) * جواب الشرط . وقوله : * ( مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ ) * قطع لعذرهم حتى لا يقولوا يوم الحساب إننا زللنا لأننا لا نعرف الحق من الباطل . وفي الآية دليل على أن عقوبة العالم بالذنب أعظم من عقوبة الجاهل به - كما قال القرطبي - . وقال الفخر الرازي ما ملخصه : « وقوله : * ( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) * نهاية في الوعيد ،
449
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 449