نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 445
مسوك - أى جلود - الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب يقول اللَّه - تعالى - فعلى يجترؤن وبي يغترون ، حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم حيران « . قال ابن كثير : قال القرظي الذي روى هذا القول عن نوف : تدبرت هذه الصفات في القرآن فإذا هي في المنافقين ووجدتها في قوله - تعالى - * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُه فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) * « 1 » . والحق أنه ما ابتليت أمة بتفشى هذا النوع من الناس فيها إلا فسد حالها وهان شأنها وكانت عاقبة أمرها خسرا . أما النوع الثاني من الناس وهم الأخيار الصادقون فقد عبر عنهم القرآن بقوله - تعالى - : * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَه ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّه ، واللَّه رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) * . * ( يَشْرِي نَفْسَه ) * أى : يبيعها ببذلها في طاعة اللَّه وإعلاء كلمته ، وتحقيقه أن المكلف قد بذل نفسه بمعنى أنه أطاع اللَّه - تعالى - وحافظ على فرائضه ، وجاهد في سبيله ، من أجل أن ينال ثواب اللَّه ومرضاته ، فكان ما بذله من طاعات بمثابة السلعة ، وكان هو بمنزلة البائع ، وكان قبول اللَّه - تعالى - منه ذلك وإثابته عليه في معنى الشراء . وقوله : * ( ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّه ) * الابتغاء الطلب الشديد للشيء ، والرغبة القوية في الحصول عليه ، وهو في الآية مفعول لأجله . أى : ومن الناس نوع آخر قد باع نفسه وبذلها في طاعة اللَّه طلبا لرضوانه ، وأملا في مثوبته وغفرانه . فهذا النوع التقى المخلص من الناس ، يقابل النوع المنافق المفسد الذي سبق الحديث عنه . قال بعضهم : وكان مقتضى هذه المقابلة أن يوصف هذا الفريق الثاني بالعمل الصالح مع عدم التعويض والتبجح بالقول ، أو مع مطابقة قوله لعمله وموافقة لسانه لما في قلبه . والآية قد تضمنت هذا الوصف وإن لم تنطق به ، فإن من يبيع نفسه للَّه لا يبغى ثمنا لها سوى مرضاته لا يتحرى إلا العمل الصالح وقول الحق مع الإخلاص في القلب فلا يتكلم بلسانين ولا يقابل الناس بوجهين . ويكون هو المؤمن الذي يعتد القرآن بإيمانه » « 2 » . وقال أحد العلماء : ومرضاة مصدر ميمى بمعنى الرضا . ولا شك أن التعبير بالمصدر الميمى دون المصدر الأصلى له معنى يدركه السامع بذوقه ، ولم نجد النحويين ولا البلاغيين تعرضوا
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 246 . ( 2 ) تفسير المنار ج 2 ص 252 .
445
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 445