responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 446


لبيان التفرقة بين المصدر الميمى وغيره والذي يتبدى لنا ونظنه تفرقة بينهما ، أن المصدر الميمى يصور المعنى المصدري واقعا قائما متحققا في الوجود ، أما المصدر غير الميمى فيصور المعنى مجردا فإذا كانت كلمة مقال بمعنى القول ، فإن التعبير بالقول يصور معنى مجردا من غير نظر إلى كونه تحقق وجوده أولا . أما كلمة مقال فتصور معنى وجد وتحقق ، أو في صورة الموجود المتحقق ، وعلى ذلك معنى « ابتغاء مرضاة اللَّه » أنهم يبيعون أنفسهم طالبين طلبا موثقا رضا اللَّه - سبحانه - حقيقة واقعة مؤكدة ، ويتصورون رضاه - سبحانه - حقيقة قائمة قد حلت بهم ، فيشتد طلبهم وافتداؤهم للحق بأموالهم وأنفسهم » « 1 » .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله - : * ( واللَّه رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) * أى ، رفيق رحيم بهم ، ومن مظاهر ذلك أنه لم يكلفهم بما هو فوق طاقتهم ، وإنما كلفهم بما تطيقه نفوسهم ، وأنه أسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة في الدنيا مع تقصيرهم فيما أمرهم به أو نهاهم عنه ، وأنه كافأهم بالنعيم المقيم على العمل القليل ، وأنه جعل العاقبة للمتقين لا للمفسدين ، إلى غير ذلك من مظاهر رأفته التي لا تحصى .
هذا ، وقد أورد المفسرون روايات متعددة في سبب نزول هذه الآية منها أنها نزلت في صهيب بن سنان الرومي ، وذلك أنه لما أسلَّم بمكة وأراد الهجرة منعه المشركون أن يهاجر بماله ، وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر أذنوا له ، فنخلص منهم وأعطاهم ماله فأنزل اللَّه فيه هذه الآية . فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة إلى طرف الحرة فقالوا له : ربح البيع يا صهيب ، فقال لهم وأنتم فلا أخسر اللَّه تجارتكم وما ذاك ؟ فأخبروه أن اللَّه أنزل فيه هذه الآية . ويروى أن الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال له عند ما رآه : « ربح البيع ، ربح البيع » مرتين « 2 » .
وهناك روايات أنها نزلت فيه وفي عمار بن ياسر وفي خباب بن الأرت وفي غيرهم من المؤمنين المجاهدين .
والذي نراه - كما سبق أن بينا - أن الآية الكريمة تتناول كل من أطاع اللَّه - تعالى - وبذل نفسه في سبيل إعلاء كلمته ، ويدخل في ذلك دخولا أوليا من نزلت فيهم الآية ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يرى جمهور العلماء .
وبذلك نرى أن الآيات الكريمة قد بينت لنا نوعين من الناس : أحدهما خاسر ، والآخر رابح ، لكي نتبع طريق الرابحين ، ونهجر طريق الخاسرين ومَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِه وإِلَى اللَّه الْمَصِيرُ .


( 1 ) تفسير الآية الكريمة لفضلة الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة - بمجلة لواء الإسلام . السنة الخامسة - العدد الخامس . ( 2 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 247 .

446

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست