نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 442
والنسل : كما يقول القرطبي - ما خرج من كل أنثى من ولد . وأصله الخروج والسقوط ، ومنه نسل الشعر ينسل إذا سقط . ومنه حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ وهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ أى : يخرجون مسرعين . والمعنى : وإذا أعرض عنك هذا النوع من الناس وولاك دبره أسرع في الإفساد بينهم ، وتفريق كلمتهم ، وإتلاف كل ما يقع تحت يده من الزروع والثمار والحيوان وما به قوام الحياة والأحياء . فإهلاك الحرث والنسل كناية عن إتلافه لما به قوام أحوال الناس ومعيشتهم ، وعن إيذائه الشديد لهم . وبعض العلماء يرى أن « تولى » مشتق من الولاية : يقال : ولى البلد وتولاه ، أى صار واليا له ، أميرا عليه . والمعنى على هذا الرأى . وإذا صار - هذا النوع من الناس - واليا على قوم اجتذبهم إليه ببريق قوله ، وبمعسول لفظه ، وبإيمانه الفاجرة ، ومجادلته الباطلة ، حتى إذا ما التف الناس حوله سعى بينهم بالفساد ، وعمل على تقاطعهم وتباغضهم ، وحكم فيهم بالباطل ، ظنا منه أن هذا الخلق وذلك السلوك سيجعلهم دائما طوع إرادته . قال الإمام الرازي : والقول الأول أقرب إلى نظم الآية ، لأن المقصود بيان نفاق هذا النوع من الناس ، وهو أنه عند الحضور يقول الكلام الحسن ويظهر المحبة ، وعند الغيبة يسعى في إيقاع الفتنة والفساد « 1 » . وقوله * ( واللَّه لا يُحِبُّ الْفَسادَ ) * أى لا يرضى عن الذي منه الإفساد في الأرض ، ويظهر للناس الكلام الحسن وهو يبطن لهم الفعل السيئ ، لأنه - سبحانه - أوجد الناس ليصلحوا في الأرض لا ليفسدوا فيها . فالجملة الكريمة تحذير منه - سبحانه - للمفسدين ، ووعيد لهم على خروجهم عن طاعته . أما الصفة الخامسة لهذا النوع من الناس فهي قوله - تعالى - : * ( وإِذا قِيلَ لَه اتَّقِ اللَّه أَخَذَتْه الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ ) * . أى : وإذا قيل لهذا المنافق على سبيل النصح والإرشاد اتق واترك ما أنت فيه من نفاق وخداع وخروج عن طاعة اللَّه ، استولت عليه العزة - أى حمية الجاهلية - مقترنة بالإثم ومصاحبة له ، فهي ليست العزة المحمودة ولكنها الكبرياء المبغوضة . والباء على هذا المعنى للمصاحبة والاقتران .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 219 .
442
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 442