نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 443
قال الجمل . والباء على هذا تكون في محل نصب على الحال وفيها حينئذ وجهان : أحدهما : أن تكون حالا من العزة أى ملتبسة بالإثم . والثاني : أن تكون حالا من المفعول . أى ، أخذته حال كونه ملتبسا بالإثم ، وفي قوله العزة بالإثم التتميم وهو نوع من علم البديع ، وهو عبارة عن إرداف الكلمة بأخرى ترفع عنها اللبس وتقربها من الفهم ، وذلك أن العزة تكون محمودة ومذمومة فمن مجيئها محمودة قوله - تعالى - : ولِلَّه الْعِزَّةُ ولِرَسُولِه ولِلْمُؤْمِنِينَ فلو أطلقت لتوهم فيها بعض من لا دراية له أنها محمودة ، فقيل بالإثم توضيحا للمراد فرفع اللبس ، ويجوز أن تكون الباء للتعدية - وهو قول الزمخشري - فإنه قال : أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه . أى : حملته العزة التي فيه وحمية الجاهلية على الإثم الذي ينهى عنه وألزمته ارتكابه ، ويجوز أن تكون للسببية بمعنى أن إثمه كان سببا لأخذ العزة له » « 1 » . أى : استولت عليه حمية الجاهلية بسبب الإثم الذي استحوذ على قلبه فأنساه كل ما يوصل إلى الصلاح والاستقامة . و « ال » في العزة للعهد . أى : العزة المعهودة المعروفة عند أهل الجاهلية التي تمنع صاحبها من قبول النصيحة . قال الأستاذ الإمام محمد عبده مرجحا ما ذهب إليه من أن « تولى » بمعنى الولاية والإمارة : « وهذا الوصف ظاهر جدا في تفسير التولي بالولاية والسلطة ، فإن الحاكم الظالم المستبد يكبر عليه أن يرشد إلى مصلحة ، أو يحذر من مفسدة ، لأنه يرى أن هذا المقام الذي ركبه وعلاه يجعله أعلى الناس رأيا وأرجحهم عقلا ، بل الحاكم المستبد الذي لا يخاف اللَّه - تعالى - يرى نفسه فوق الحق كما أنه فوق أهله في السلطة ، فيجب أن يكون أفن رأيه خيرا من جودة آرائهم ، وإفساده نافذا مقبولا دون إصلاحهم ، فكيف يجوز لأحد منهم أن يقول له : اتق اللَّه في كذا . . . » « 2 » . ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة من هذه صفاته فقال : * ( فَحَسْبُه جَهَنَّمُ ولَبِئْسَ الْمِهادُ ) * . الفاء هنا للإفصاح ، لأنها تفصح عن شرط محذوف تقديره : إذا كانت هذه حالة المعرض عن النصح أنفة وتكبرا * ( فَحَسْبُه جَهَنَّمُ ) * أى : كافيه جهنم جزاء له * ( ولَبِئْسَ الْمِهادُ ) * أى : ولبئس الفراش الذي يستقر عليه بسبب غروره وفجوره .
( 1 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 164 . ( 2 ) تفسير المنار ج 2 ص 251 .
443
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 443