نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 437
فاسم الإشارة يعود إلى الفريق الثاني باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الجميلة وكانت الإشارة للبعيد لبيان علو منزلتهم ، وسمو درجاتهم ولم بعطف على ما قبله لأنه كالنتيجة له . وقيل : إن الإشارة تعود إلى الفريقين . أى : لكل من الفريقين نصيب من عمله على قدر ما نواه . ويضعفه أن اللَّه - تعالى - قد ذكر قبل ذلك عاقبة الفريق الأول بقوله : * ( وما لَه فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) * . والمعنى : أولئك الذين جمعوا في دعائهم بين طلب حسنتى الدنيا والآخرة لهم نصيب جزيل ، وحظ عظيم من جنس ما كسبوا من الأعمال الصالحة ، أو من أجل ما كسبوا من الفعال الطيبة . فحرف الجر « من » يصح أن يكون للابتداء أو للتبعيض . وفي هذه الجملة الكريمة وعد من اللَّه لعباده أنهم متى تضرعوا إليه بقلب سليم ، أجاب لهم دعاءهم ، وأعطاهم سؤالهم . قال القرطبي : وقوله : * ( واللَّه سَرِيعُ الْحِسابِ ) * من سرع يسرع - مثل عظم يعظم - فهو سريع . و « الحساب » مصدر كالمحاسبة ، وقد يسمى المحسوب حسابا . والحساب : العد . ويقال : حسب يحسب حسابا وحسابة وحسبانا أى : عد . والمعنى في الآية : أن اللَّه - تعالى - سريع الحساب لا يحتاج إلى عد ولا إلى عقد ولا إلى إعمال فكر كما يفعله الحساب ، ولهذا قال وقوله الحق وكَفى بِنا حاسِبِينَ . فاللَّه - تعالى - عالم بما للعباد وما عليهم فلا يحتاج إلى تذكر وتأمل . وقيل : سريع المجازاة للعباد بأعمالهم . وقيل لعلى بن أبى طالب : كيف يحاسب اللَّه العباد في يوم ؟ قال : كما يرزقهم في يوم . ومعنى الحساب : تعريف اللَّه عباده مقادير الجزاء على أعمالهم وتذكيره إياهم بما قد نسوه . وقيل : معنى الآية سريع بمجيء يوم الحساب ، فالمقصود بالآية الإنذار بيوم : القيامة « 1 » . وقوله : * ( واذْكُرُوا اللَّه فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) * معطوف على قوله - تعالى - * ( فَاذْكُرُوا اللَّه كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) * وما بينهما اعتراض . والمراد بالأيام المعدودات أيام التشريق الثلاثة التي بعد يوم النحر . والتشريق : تقديد اللحم . قال القرطبي : ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام منى ، وهي أيام التشريق ، وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها ، وهي أيام رمى الجمار » « 2 » .
( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 435 ( 2 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 1 .
437
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 437