نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 438
فالآية الكريمة تأمر الحجاج وغيرهم من المسلمين أن يكثروا من ذكر اللَّه في هذه الأيام المباركة ، لأن أهل الجاهلية كانوا يشغلونها بالتفاخر ومغازلة النساء « ويزعمون أن الحج قد انتهى بانتهاء يوم النحر وهو اليوم العاشر من ذي الحجة . ولقد بين لنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن هذه الأيام ينبغي أن تعمر بذكر اللَّه وبشكره على نعمه . روى الأمام مسلَّم عن نبيشة الهذلي قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم « أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر للَّه » . وروى البخاري عن ابن عمر : أنه كان يكبر بمنى تلك الأيام ، وخلف الصلوات ، وعلى فراشه وفي فسطاطه . وفي مجلسه ، وفي ممشاه ، في تلك الأيام جميعا . ومن الذكر في تلك الأيام التكبير مع كل حصاة من حصى الجمار كل يوم من أيام التشريق . فقد أخرج البخاري عن ابن عمر أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كبر مع كل حصاة . ويرى جمهور الفقهاء أن هذه الأيام يحرم فيها الصيام ، لأنها أيام أكل وشرب وذكر للَّه . والمعنى . اذكروا اللَّه ، أى : كبروه في أدبار الصلوات وعند ذبح القرابين ، وعند رمى الجمار وغيرها في تلك الأيام المعدودات التي هي موسم من مواسم العبادة والطاعات ، فإن الإكثار من ذكر اللَّه يرفع الدرجات ، ويمسح السيئات . ثم قال - تعالى - : * ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْه ومَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْه لِمَنِ اتَّقى ) * . تعجل واستعجل يجيئان مطاوعين بمعنى عجل ، يقال : تعجل الأمر واستعجل . ويأتيان متعديين فيقال : تعجل الذهاب واستعجله ويرى الزمخشري أن المطاوعة أوفق لقوله - تعالى - : * ( ومَنْ تَأَخَّرَ ) * . وإيضاح ذلك : أنه يجب على الحاج المبيت بمنى الليلة الأولى والثانية من ليالي أيام التشريق ، ليرمى كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة يرمى عند كل جمرة سبع حصيات . ثم من رمى في اليوم الثاني وأراد أن ينفر ويترك المبيت بمنى في الليلة الثالثة ورمى يومها بعد الزوال - كما يرى الشافعية - وبعده أو قبله - كما يرى الحنفية - فلا إثم عليه في عدم مبيته بمنى في الليلة الثالثة . أى : فمن تعجل فسافر في اليومين الأولين فلا إثم عليه في التعجيل ، ومن بقي إلى تمام اليوم الثالث فلا إثم عليه كذلك إذا اتقى كل منهما اللَّه ووقف عند حدوده . فالتقييد بالتقوى للتنبيه إلى أن العبرة في الأفعال إنما هي بتقوى القلوب وطهارتها وسلامتها . قال الآلوسى : وقوله * ( لِمَنِ اتَّقى ) * خبر لمبتدأ محذوف ، واللام إما للتعليل أو للاختصاص .
438
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 438