responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 416


رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، فصاح الناس وقالوا : سبحان اللَّه يلقى بيديه إلى التهلكة ! ! فقام أبو أيوب الأنصارى فقال : يا أيها الناس إنكم لتؤولون هذه الآية هذا التأويل ، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار . لما أعز اللَّه الإسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعض سرا - دون رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إن أموالنا قد ضاعت ، وإن اللَّه قد أعز الإسلام ، وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل اللَّه - تعالى - على نبيه يرد علينا ما قلناه * ( وأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّه ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) * فكانت التهلكة الإقامة على الأموال ، وإصلاحها ، وتركنا الغزو .
قال الراوي : فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل اللَّه حتى دفن بأرض الروم .
فالآية الكريمة تأمر المؤمنين بأن يبذلوا أموالهم في الجهاد في سبيل اللَّه بصفة خاصة ، وفي كل موطن من مواطن الخير بصفة عامة ، لأن عدم البذل في سبيل الخير يؤدى إلى ضعف الأمة واضملالها .
ثم ختم - سبحانه - الآية بالترغيب في الإحسان فقال : * ( وأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) * أى : أحسنوا كل أعمالكم وأتقنوها ، لأنه - سبحانه - يحب المحسنين في كل شئونهم ، ويثيبهم على ذلك بما يسعدهم في دينهم ودنياهم .
هذا ، وتأمل معى - أيها القارئ الكريم - في هذه الآيات تراها قد رسمت أحكم منهاج وأعدله في شأن الحرب والسلَّم .
إنها تأمر المؤمنين أن يجاهدوا أعداءهم الذين بدؤهم بالقتال ، وأن يقتلوهم حيث وجدوهم . ويخرجوهم من حيث أخرجوهم ، كما تأمرهم أن يبذلوا أموالهم في سبيل اللَّه بدون إمساك أو بخل ، وهذا من أقوى أنواع الحض على الجهاد من أجل إعلاء كلمة اللَّه .
ولكنها في الوقت نفسه تنهاهم عن الاعتداء ، وتنهاهم عن القتال في الأشهر الحرم وفي الأماكن المقدسة إلا إذا قاتلهم المشركون فيها ، كما تنهاهم عن قتالهم إذا ما انتهوا عن عدوانهم وكفرهم ، لأن شريعة القرآن تستجيب لداعي السلَّم متى كف المعتدون عن العدوان ، واحترموا كلمة الإسلام .
وبذلك نرى أن القتال في الإسلام ليس من أجل الغنائم ، أو الاستغلال أو الاستعباد ، أو التباهي . . كلا ليس لأجل شيء من هذا ، وإنما هو من أجل الدفاع عن الحق وأهله ، حتى تكون كلمته هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى ، وبهذا تسعد الإنسانية ، وتنال ما تصبو إليه من عزة وفلاح .

416

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست