responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 413


قتالهم ، لأنهم قد انتفى عنهم وصف الظلم ، وما دام قد انتفى عنهم هذا الوصف فلا يصح أن تقاتلوهم ، إذ القتال إنما يكون للظالمين تأديبا لهم ليرجعوا عن ظلمهم .
ففي الجملة الكريمة إيجاز بالحذف ، واستغناء عن المحذوف بالتعليل الدال عليه .
قال الإمام الرازي : أما قوله - تعالى - : * ( فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) * ففيه وجهان :
الأول : فإن انتهوا فلا عدوان أى : فلا قتل إلا على الذين لا ينتهون عن الكفر ، فإنهم بإصرارهم على كفرهم ظالمون لأنفسهم قال - تعالى - : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ .
فإن قيل : لم سمى ذلك القتل عدوانا مع أنه في نفسه صواب ؟ قلنا : لأن ذلك القتل جزاء العدوان فصح إطلاق اسم العدوان عليه ، كقوله - تعالى - : وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها .
الثاني : إن تعرضتم لهم بعد انتهائهم عن الشرك والقتال كنتم أنتم ظالمين ، فتسلط عليكم من يعتدى عليكم « 1 » .
وقوله - تعالى - : * ( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ ) * بيان للحكمة في إباحة القتال في الأشهر الحرم ، وإيذان بأن مراعاة حرمة الشهر الحرام إنما هي واجبة في حق من يصون حرمته ، أما من هتكها فقد صار بسبب انتهاكه لحرمة الشهر الحرام محلا للقصاص والمعاقبة في الشهر وفي غيره .
وسمى الشهر الحرام لأنه يحرم فيه ما يحل في غيره من القتال ونحوه ، والتعريف فيه - على الراجح - للجنس فهو يشمل الأشهر الحرم جميعها وهي أربعة : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب .
قال - تعالى - : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّه اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّه يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ، فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ، واعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ « 2 » .
قال القرطبي : نزلت في عمرة القضاء ، وذلك أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم خرج معتمرا حتى بلغ الحديبية في ذي القعدة سنة ست ، فصده المشركون كفار قريش عن البيت فانصرف ووعده - سبحانه - أنه سيدخله فدخله في ذي القعدة سنة سبع وقضى نسكه ونزلت هذه الآية « 3 » والمعنى : هذا الشهر الحرام الذي تؤدون فيه عمرة القضاء ، بذلك الشهر الحرام الذي صدكم المشركون فيه عن دخول المسجد الحرام ، فإذا بدؤا بانتهاك حرمته بقتالكم فيه ، فلا


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 146 . ( 2 ) سورة التوبة الآية 36 . ( 3 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 355 .

413

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست