نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 367
السعيدة في الدنيا ، وإلى رضا اللَّه - تعالى - في الآخرة ، وذلك لأنها قد أرشدت إلى أن البر أنواع ثلاثة جامعة لكل خير : بر في العقيدة ، وبر في العمل ، وبر في الخلق . أما بر العقيدة فقد بينته أكمل بيان في قوله - تعالى - : * ( ولكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ والْمَلائِكَةِ والْكِتابِ والنَّبِيِّينَ ) * . فقد جمعت في هذه الجملة الكريمة ما لا يتم الإيمان إلا بتحققه . وأما بر العمل فقد وضحته أبلغ توضيح في قوله - تعالى - : * ( وآتَى الْمالَ عَلى حُبِّه ذَوِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينَ وابْنَ السَّبِيلِ والسَّائِلِينَ وفِي الرِّقابِ ) * . ولا شك أن إنفاق المال في تلك الوجوه من شأنه أن يسعد الأفراد والجماعات والأمم ، ويكون مظهرا من أفضل مظاهر العمل الصالح الذي يرضى اللَّه - تعالى - . وأما بر الخلق فقد ذكرته بأحكم عبارة في قوله - تعالى - : * ( وأَقامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكاةَ والْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ، والصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ والضَّرَّاءِ وحِينَ الْبَأْسِ ) * . وذلك لأن التمسك بهذه الفضائل . أداء الصلاة وإيتاء الزكاة . والوفاء بالعهود ، والتذرع بالصبر - يدل على صفاء الإيمان وطهارة الوجدان وحسن الخلق وكمال الاستقامة . وهكذا تجمع آية واحدة من كتاب اللَّه بين بر العقيدة وبر العمل وبر الخلق ، وتربط بين الجميع برباط واحد لا ينفصم ، ونضع على هذا كله عنوانا واحدا « البر » وتمدح من استجمع أنواعه بالصدق والتقوى . فلله هذا الاستقراء البديع ، وذلك التوجيه السديد ، الذي يشهد أن هذا القرآن من عند اللَّه ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّه لَوَجَدُوا فِيه اخْتِلافاً كَثِيراً . وبعد أن بين - سبحانه - أن البر الجامع لألوان الخير يتجلى في الإيمان باللَّه واليوم الآخر . . وفي بذل المال في وجوه الخير ، وفي المحافظة على فرائضه - سبحانه - وفي غير ذلك من أنواع الطاعات التي ذكرتها الآية السابقة بعد كل ذلك شرع - سبحانه - في بيان بعض الأحكام العملية الجليلة التي لا يستغنى عنها الناس في حياتهم ، وبدأ هذه الأحكام بالحديث عن حفظ الدماء لماله من منزلة ذات شأن في إصلاح العالم - فقال - تعالى - :
367
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 367