responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 357


قليلا ، أنهم شهود زور وأحبار سوء ، آذوا بهذه الشهادة الباطلة رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وآلموه فقوبلوا بقوله - سبحانه - : * ( ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) * « 1 » .
ثم بين - سبحانه - ما هم عليه من جهل وغباء وسوء عاقبة فقال : * ( أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى والْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ ) * .
الاشتراء : استبدال السلعة بالثمن . والمعنى : أولئك الذين تقدم الحديث عنهم وهم الكاتمون لما أنزل اللَّه قد بلغ بهم الغباء وانطماس البصيرة أنهم باعوا الهدى والإيمان ليأخذوا في مقابلهما الكفر والضلال ، وباعوا ما يوصلهم إلى مغفرة اللَّه ورحمته ليأخذوا في مقابل ذلك عذابه ونقمته ، فما أخسرها من صفقة ، وما أغبى هؤلاء الكاتمين الذين فعلوا ذلك نظير عرض من أعراض الدنيا الفانية ، فخسروا بما فعلوه دنياهم وآخرتهم .
وقوله - تعالى - : * ( فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ) * معناه : فما أدومهم على عمل المعاصي التي تؤدى بهم إلى النار حتى لكأنهم بإصرارهم على عملها يجلبون النار إليهم جلبا . ويقصدون إليها قصدا بدون مبالاة أو تفكر .
والمراد من التعجب في هذه الآية وأشباهها ، الإعلام بحالهم وأنه ينبغي أن يتعجب منها كل أحد ، وذلك لأن المعنى الظاهر من الجملة التعجب من صبر أولئك الكفار على النار ، والتعجب انفعال - يحدث في النفس عند الشعور بأمر يجهل سببه وهو غير جائز في حقه - تعالى - لأنه لا يخفى عليه شيء ، ومن هنا قال العلماء : إن فعل التعجب في كلام اللَّه المراد منه التعجيب ، أى : جعل الغير يتعجب من ذلك الفعل ، وهو هنا صبرهم على النار ، فيكون المقصود تعجيب المؤمنين من جراءة أولئك الكاتمين لما أنزل اللَّه على اقترافهم ما يلقى بهم في النار ، شأن الواثق من صبره على عذابها المقيم .
وشبيه بهذا الأسلوب في التعجب - كما أشار صاحب الكشاف - أن تقول لمن يتعرض لما يوجب غضب السلطان : ما أصبرك على القيد والسجن فأنت لا تريد التعجب من صبره ، وإنما تريد إفهامه أن التعرض لما يغضبه لا يقع إلا ممن شأنه الصبر على القيد والسجن ، والمقصود بذلك تحذيره من التمادي فيما يوجب غضب ذلك السلطان .
قال الجمل ما ملخصه وما في قوله * ( فَما أَصْبَرَهُمْ ) * - وفي مثل هذا التركيب - فيها أوجه :
أحدها : وهو قول سيبويه والجمهور أنها نكرة تامة غير موصولة ولا موصوفة وأن معناها التعجب فإذا قلت . ما أحسن زيدا ، فمعناه : شيء صير زيدا حسنا .


( 1 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 44 .

357

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست