نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 349
وبعد هذا البيان البليغ لحال الذين يتخذون من دون اللَّه أندادا ، ولحال الكافرين المقلدين لآبائهم في الضلال بدون تدبر أو تعقل ، بعد كل ذلك وجهت السورة الكريمة نداء إلى المؤمنين بينت لهم فيه - وفيما سيأتى بعده من آيات - كثيرا من التشريعات والآداب والأحكام التي هم في حاجة إليها فقال - تعالى - : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 172 الى 173 ] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ واشْكُرُوا لِلَّه إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاه تَعْبُدُونَ ( 172 ) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ والدَّمَ ولَحْمَ الْخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ بِه لِغَيْرِ اللَّه فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْه إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 173 ) الطيبات من الأطعمة : المستلذات ، ويجوز حملها على ما طاب من الرزق بتحليل اللَّه له . وما رزقناكم : ما أوصلناه إليكم من الرزق ، - وهو ما ينتفع به . أى : يا من آمنتم باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر كلوا من ألوان الطيبات التي أحللناها لكم ، ولا تتعرضوا لما حرمناه عليكم . وكان الخطاب هنا للمؤمنين خاصة ، لأنهم أحق بالفهم ، وأجدر بالعلم وأحرى بالاهتداء ، وأولى بالتكريم والتشريف . ومفعول * ( كُلُوا ) * محذوف ، أى : كلوا رزقكم حال كونه بعض طيبات ما رزقناكم . ثم أمرهم - سبحانه - بشكره على هذه الطيبات التي أباحها لهم فقال : * ( واشْكُرُوا لِلَّه إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاه تَعْبُدُونَ ) * . وهذه الجملة الكريمة معطوفة على جملة * ( كُلُوا ) * . والشكر : هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم لموجدها ، ووضعها في الموضع الذي أمر به . أى : تمتعوا بنعم اللَّه ، واعترفوا له بها على وجه التعظيم ، بأن تمتثلوا ما أمر به ، وتجتنبوا ما نهى عنه ، إن كنتم تخصونه بالعبادة حقا ، وتفردونه بالطاعة صدقا .
349
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 349