نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 348
أما الذين أضمروا فذكروا وجوها : الأول : كأنه قال : ومثل من يدعو الذين كفروا إلى الحق كمثل الذي ينعق ، فصار الناعق الذي هو الراعي بمنزلة الداعي إلى الحق . وهو الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وسائر الدعاة إلى الحق ، وصار الكفار بمنزلة الغنم المنعوق بها ، ووجه الشبه أن البهيمة تسمع الصوت ولا تفهم المراد ، وهؤلاء الكفار كانوا يسمعون صوت الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وألفاظه ، وما كانوا ينتفعون بها وبمعانيها . الثاني : ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم من الأوثان كمثل الناعق في دعائه ما لا يسمع كالغنم وما يجرى مجراها من البهائم . فشبه الأصنام - في أنها لا تفهم - بهذه البهائم ، فإذا كان ولا شك أن من دعا بهيمة عد جاهلا ، فمن دعا حجرا أولى بالذم . والفرق بين هذا القول والذي قبله أن ها هنا المحذوف هو المدعو ، وفي القول الذي قبله المحذوف هو الداعي . أما إجراء الآية على ظاهرها من غير إضمار فتقديره ، ومثل الذين كفروا في قلة عقولهم في عبادتهم لهذه الأوثان كمثل الراعي إذا تكلم مع البهائم ، فكما أنه يقضى على ذلك الراعي بقلة العقل فكذا هاهنا . ثم قال - رحمه اللَّه - ومثل هذا المثل يزيد السامع معرفة بأحوال الكفار ، ويحقر إلى الكافر نفسه إذا سمع ذلك ، فيكون كسرا لقلبه ، وتضييقا لصدره ، حيث صيره كالبهيمة فيكون في ذلك نهاية الزجر والردع لمن يسمعه عن أن يسلك مثل طريقه في التقليد » « 1 » . وقوله - تعالى - : * ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ) * زيادة في تبكيتهم وتقريعهم ، أى : هم صم عن استماع دعوة الحق ، بكم عن إجابة الداعي إليها ، عمى عن آيات صدقها وصحتها ، فهم لإعراضهم عن الهادي لهم إلى ما ينفعهم وينجيهم من العذاب صاروا بمنزلة من فقد حواسه ، فأصبح لا يسمع ولا ينطق ولا يبصر وقوله : * ( فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) * وارد مورد النتيجة بعد البرهان ، بجانب كونه توبيخا لهم ، لأنهم بفقدهم أهم طرق الإدراك وهما السمع والبصر ، وأهم وسيلة للثقافة وهي استطاع الحقائق من طريق المحاورة والتكلم ، صاروا بعد كل ذلك بمنزلة من فقد عقله الاكتسابى ، فأصبح لا يفقه شيئا لأن العقل الذي يكتسب به الإنسان المعارف والحقائق يستعين استعانة كبرى بهذه الحواس الثلاث .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 8 بتصرف وتلخيص .
348
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 348