نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 347
والحال أن آباءهم لا يعقلون شيئا من أمور الدين الصحيح ، ولا يهتدون إلى طريق الصواب . قال الآلوسى : وفي الآية دليل على المنع من التقليد لمن قدر على النظر ، وأما أتباع الغير في الدين بعد العلم - بدليل ما - أنه محق فاتباع في الحقيقة لما أنزل اللَّه - تعالى - وليس من التقليد المذموم في شيء وقد قال - سبحانه - فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ « 1 » . وبعد أن بين - سبحانه - فساد ما عليه أولئك المشركون المقلدون من غير نظر ولا استدلال ، أردف ذلك بضرب مثل لهم زيادة في قبيح شأنهم والزراية عليهم فقال - تعالى - : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 171 ] ومَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً ونِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ( 171 ) و * ( مَثَلُ ) * الصفة والشأن ، وأصل المثل بمعنى المثل : النظير والشبيه ، ثم أطلق على القول السائر المعروف ، لمماثلة مضربه - وهو الذي يضرب فيه - لمورده - وهو الذي ورد فيه أولا - ولا يكون إلا فيما فيه غرابة . ثم استعير للصفة أو الحال أو القصة ، إذا كان لها شأن عجيب وفيها غرابة . و * ( يَنْعِقُ ) * من النعيق وهو الصياح . يقال : نعق الراعي بالغنم ينعق نعقا ونعاقا ونعقانا ، صاح بها وزجرها . والدعاء والنداء قيل بمعنى واحد أى أن ثانيهما تأكيد للأول ، وقيل : الدعاء للقريب والنداء للبعيد . والظاهر أن المراد بهما نوعان من الأصوات . وأولهما : وهو الدعاء معناه : الصياح بالبهائم لتأتى . وثانيهما : وهو النداء معناه : الصياح بها لتذهب . قال الإمام الرازي ما ملخصه : وللعلماء من أهل التأويل في هذه الآية طريقان : أحدهما : تصحيح المعنى بالإضمار في الآية . والثاني : إجراء الآية على ظاهرها من غير إضمار .
( 1 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 41 .
347
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 347