responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 346


الشيطان فقال في حديثه الطويل الذي رواه الترمذي والنسائي وابن حيان عن الحارث الأشعرى : « وآمركم بذكر اللَّه كثيرا ، فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره ، فأتى حصنا فأحرز نفسه فيه ، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر اللَّه .
وبعد أن نهى - سبحانه - الناس عن إتباع خطوات الشيطان ، وبين لهم مظاهر عداوته لهم ، أردف ذلك ببيان حال طائفة من الناس لم يستمعوا لهذا النصح ، بل اتبعوا خطوات الشيطان فقلدوا آباءهم في الشرك والجهالة فقال - تعالى - :
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 170 ] وإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّه قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْه آباءَنا أَولَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً ولا يَهْتَدُونَ ( 170 ) أى : وإذا قيل لأولئك الذين اقتفوا خطوات الشيطان ، وقالوا على اللَّه بدون علم ولا برهان ، إذا قيل لهم : اتبعوا ما أنزل اللَّه من قرآن ، أعرضوا عن ذلك وقالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من عبادة الأصنام والخضوع للرؤساء فالضمير في قوله - تعالى - : لهم يعود على طائفة ممن شملهم الخطاب بقوله - تعالى - في الآية السابقة : * ( يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ) * وهم الذين لم يستجيبوا لنداء اللَّه بل ساروا في ركب الشيطان ، واقتفوا آثاره ، * ( وإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّه ) * . القائل لهم ذلك هو النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم والمسلمون .
والمراد بما أنزل اللَّه : القرآن الكريم ، وما أوحاه اللَّه إلى نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من هدايات . وعدل - سبحانه - من خطابهم إلى الغيبة للتنبيه على أنهم لفرط جهلهم وحمقهم صاروا ليسوا أهلا للخطاب ، بل ينبغي أن يصرف عنهم إلى من يعقله .
و * ( بَلْ ) * في قوله - تعالى - : * ( بَلْ نَتَّبِعُ ) * للإضراب الإبطالى ، أى : أضربوا عن قول الرسول لهم * ( اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّه ) * إضراب إعراض بدون حجة ، إلا بأنه مخالف لما ألفوا عليه آباءهم من أمور الشرك والضلال .
وقوله - تعالى - : * ( أَولَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً ولا يَهْتَدُونَ ) * رد عليهم ، وبيان لبطلان الاعتماد في الدين على مجرد تقليد الآباء .
والهمزة للاستفهام الإنكارى ، والواو للحال ، والمعنى : أيتبعون ما وجدوا عليه آباءهم

346

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست