نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 341
بينهم ، يريهم - سبحانه - أعمالهم السيئة يوم القيامة فتكون حسرات تتردد في صدورهم كأنها شرر الجحيم . ثم ختم - سبحانه - الآية ببيان عاقبة أمرهم فقال : * ( وما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) * . أى : وما هم بخارجين من تلك النار التي عوقبوا بها بسبب شركهم ، بل هم مستقرون فيها استقرارا أبديا ، وقد جاءت الجملة اسمية لتأكيد نفى خروجهم من النار ، وبيان أنهم مخلدون فيها كما قال - تعالى - في آية أخرى : كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها . وهكذا يسوق لنا القرآن ما يدور بين التابعين والمتبوعين يوم القيامة من تنصل وتحسر وتخاصم بتلك الطريقة المؤثرة ، حتى لكأنك أمام مشهد مجسم ، ترى فيه الصور الشاخصة حاضرة . وذلك لون من ألوان بلاغة القرآن في عرضه للحقائق ، حتى تأخذ سبيلها إلى النفوس الكريمة ، وتؤتى ثمارها الطيبة في القلوب السليمة . ثم وجه القرآن نداء عاما إلى البشر أمرهم فيه بأن يتمتعوا بما أحله لهم من طيبات ، ونهاهم عن اتباع وساوس الشيطان فقال - تعالى - : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 168 الى 169 ] يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّه لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ( 168 ) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ والْفَحْشاءِ وأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّه ما لا تَعْلَمُونَ ( 169 ) * ( كُلُوا ) * صيغة أمر واردة في معنى الإباحة . والحلال ما أذن اللَّه في تناوله من مطعومات أو مشروبات . قال الرازي : وأصله من الحل الذي هو نقيض العقد ، ومنه حل بالمكان إذا نزل ، لأنه حل شد الارتحال للنزول ، وحل الدين إذا وجب لانحلال العقدة بانقضاء المدة ، وحل من إحرامه ، لأنه حل عقدة الإحرام . . ثم قال : واعلم أن الحرام قد يكون حراما لخبثه - في ذاته - كالميتة والدم ولحم الخنزير ، وقد يكون حراما لوصف عارض كملك الغير إذا لم يأذن في أكله - فحرمته لتعلق حق الغير به - فالحلال هو الخالي عن هذين القيدين » « 1 » .
( 1 ) تفسير الفخر الرازي - بتصرف وتلخيص ج 5 ص 2 .
341
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 341