نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 338
ثم أخبر - سبحانه - عما ينتظر الظالمين من سوء المصير فقال : * ( ولَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّه جَمِيعاً وأَنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعَذابِ ) * « لو » شرطية ، وجوابها محذوف لقصد التهويل ولتذهب النفس في تصويره كل مذهب « والقوة » القدرة والسلطان . والمعنى : ولو يرى أولئك المشركون حين يشاهدون العذاب المعد لهم يوم القيامة أن القدرة كلها للَّه وحده ، وأن عذابه الذي يصيب به المتخبطين في ظلمات الشرك شديد ، لو يعلمون ذلك ، لرأوا ما لا يوصف من الهول والفظاعة ، ولوقعوا فيما لا يكاد يوصف من الحسرة والندامة . وكان الظاهر بمقتضى تقدم ذكرهم أن يقال : ولو يرون إذ يرون . ولكن وضع الموصول وصلته موضع الضمير ، ليحضر في ذهن السامع أنهم صاروا باتخاذهم الأنداد من الظالمين ، وليشعر بأن سبب رؤيتهم العذاب الشديد هو ذلك الظلم العظيم . وعبر بالماضي في قوله : « إذ يرون العذاب » لتحقق الوقوع ، وكل ما كان كذلك فإنه يجرى مجرى ما وقع وحصل . وجملة * ( أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّه جَمِيعاً ) * سدت مسد مفعولي يرى ، وانتصب لفظ * ( جَمِيعاً ) * على التوكيد للقوة . أى . جميع جنس القوة ثابت للَّه ، وهو مبالغة في عدم الاعتداد بقوة غيره ، فمفاد جميع هنا مفاد لام الاستغراق في قوله : الْحَمْدُ لِلَّه . وجملة * ( وأَنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعَذابِ ) * معطوفة على ما قبلها ، وفائدتها المبالغة في تفظيع الخطب ، وتهويل الأمر ، فإن اختصاص القوة به - تعالى - لا يوجب شدة العذاب لجواز تركه عفوا مع القدرة عليه . هذا ، وقد قرأ نافع وابن عمر « ولو ترى » بالتاء على الخطاب للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أو لكل من يتأتى له الخطاب . أى : لو ترى ذلك أيها الرسول الكريم أو أيها المخاطب لرأيت أمرا عظيما في الفظاعة والهول . وقوله - تعالى - : * ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا . . . ) * بدل من قوله : * ( إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ ) * . أو مفعولا به بتقدير اذكر . و * ( تَبَرَّأَ ) * من التبرؤ وهو التخلص والتنصل والتباعد ، ومنه برئت من الدين أى : تخلصت منه ، وبرأ المريض من مرضه ، أى : تخلص من مرضه . والمراد بالذين اتبعوا : أئمة الكفر الذين يحلون ويحرمون ما لم يأذن به اللَّه .
338
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 338