نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 337
بهم الجهالة أنهم يخضعون لبعض المخلوقات خضوعهم للَّه بزعم أنها مشابهة ومماثلة ومناظرة له - سبحانه - في النفع والضر ، ويحبون تعظيم تلك المخلوقات وطاعتها والتقرب إليها والانقياد لها حبا يشابه الحب اللازم عليهم نحو اللَّه - تعالى - أو يشابه حب المؤمنين للَّه ، و * ( مِنَ ) * في قوله : * ( ومِنَ النَّاسِ ) * للتبعيض ، والجار والمجرور خبر مقدم و * ( مِنَ ) * في قوله : * ( مَنْ يَتَّخِذُ ) * في محل رفع مبتدأ مؤخر ، و « من دون اللَّه ، حال من ضمير يتخذ و * ( أَنْداداً ) * مفعول به ليتخذ . قال الجمل : وجملة * ( يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه ) * فيها ثلاثة أوجه : أحدها : أن تكون في محل رفع صفة لمن في أحد وجهيها ، والضمير المرفوع يعود عليها باعتبار المعنى بعد اعتبار اللفظ في يتخذ . والثاني : أن تكون في محل نصب صفة لأندادا والضمير المنصوب يعود عليهم والمراد بهم الأصنام ، وإنما جمعوا جمع العقلاء لمعاملتهم معاملة العقلاء . أو أن يكون المراد بهم من عبد من دون اللَّه عقلاء وغيرهم ثم غلب العقلاء على غيرهم . الثالث : أن تكون في محل نصب على الحال من الضمير في يتخذ ، والضمير المرفوع عائد على ما عاد عليه الضمير في يتخذ وجمع حملا على المعنى » « 1 » . ثم مدح - سبحانه - عباده المؤمنين فقال : * ( والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه ) * أى : والذين آمنوا وأخلصوا للَّه العبادة أشد حبا له - سبحانه - من كل ما سواه ، ومن حب المشركين للأنداد ، ذلك لأن حب المؤمنين للَّه متولد عن أدلة يقينية ، وعن علم تام ، ببديع حكمته - سبحانه - وبالغ حجته ، وسعة رحمته ، وعدالة أحكامه ، وعزة سلطانه ، وتفرده بالكمال المطلق ، والحب المتولد عن هذا الطريق يكون أشد من حب المشركين لمعبوداتهم لأن حب المشركين لمعبوداتهم متولد عن طريق الظنون والأوهام والتقاليد الباطلة . والتصريح بالأشدية في قوله : * ( أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه ) * أبلغ من أن يقال أحب للَّه ؟ إذ ليس المراد الزيادة في أصل الفعل - كما يقول الآلوسى - بل المراد الرسوخ والثبات . وقيل : عدل عن أحب إلى أشد حبا ، لأن « أحب » شاع في الأشد محبوبية فعدل عنه احترازا عن اللبس . ولقد ضرب المؤمنون الصادقون أروع الأمثال في حبهم للَّه - تعالى - لأنهم ضحوا في سبيله بأرواحهم وأموالهم وأبنائهم وأغلى شيء لديهم ، ولأنهم لم يعرفوا عملا يرضيه إلا فعلوه ، ولم يعرفوا عملا يغضبه إلا اجتنبوه .
( 1 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 132 .
337
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 337