responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 327


اللعنة المستمرة من اللَّه والطرد من رحمته ، وعليهم كذلك اللعنة الدائمة من الملائكة والناس أجمعين عن طريق الدعاء عليهم بالإبعاد من رحمة اللَّه .
وعبر عن أصحاب ذلك الكتمان بالذين كفروا ، ليحضرهم في الأذهان بأشنع وصف وهو الكفر ، وليتناول الوعيد الذي اشتملت عليه الآية الكريمة كل كافر ولو بغير معصية الكتمان .
وجملة * ( وماتُوا وهُمْ كُفَّارٌ ) * حالية ، و * ( أَجْمَعِينَ ) * تأكيد بالنسبة إلى الكل لا للناس فقط .
والمراد بالناس جميعهم مؤمنهم وكافرهم ، إذ الكفار يلعن بعضهم بعضا يوم القيامة كما جاء في قوله - تعالى - : يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ويَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً . وقيل المراد بهم المؤمنون خاصة لأنهم هم الذين يعتد بلعنهم .
وقوله : * ( خالِدِينَ فِيها ) * الخلود البقاء إلى غير نهاية ، ويستعمل بمعنى البقاء مدة طويلة . وإذا وصف به عذاب الكافر أريد به المعنى الأول ، أى : البقاء إلى غير نهاية والظاهر أن الضمير في قوله * ( فِيها ) * يعود إلى اللعنة لأنها هي المذكورة في الجملة . وقيل إنه يعود إلى النار لأن اللعن إبعاد من الرحمة وإيجاب للعقاب والعقاب يكون في النار . وقوله * ( لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ ) * أى : أن المقدار الذي استحقوه من العذاب لا يتفاوت بحسب الأوقات شدة وضعفا ، وإنما هم في عذاب سرمدي أليم ، كما قال - تعالى - : إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ . لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وهُمْ فِيه مُبْلِسُونَ والزيادة في قوله - تعالى - فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً حملها بعض العلماء على معنى استمرار العذاب ، فهي إشارة إلى الخلود فيه لا إلى الزيادة في شدته .
وقوله : * ( خالِدِينَ فِيها ) * إشارة إلى دوام العذاب وعدم انقطاعه . وقوله : * ( لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ) * إشارة إلى كيفيته وشدته .
وقوله : * ( ولا هُمْ يُنْظَرُونَ ) * أى : لا يمهلون ولا يؤخرون من العذاب كما كانوا يمهلون في الدنيا . من الإنظار بمعنى التأخير والإمهال . أو من النظر بمعنى الانتظار يقال : نظرته وانتظرته ، أى : أخرته وأمهلته ومنه قوله - تعالى - : وإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ .
أو من النظر بمعنى الرؤية ، أى : لا ينظر اللَّه إليهم نظر رحمة ورضا ولطف كما ينظر إلى عباده الصالحين ، لأنهم بكتمانهم للحق ، وكفرهم باللَّه ، استحقوا ما استحقوا من العذاب المهين .
ما ظَلَمَهُمُ اللَّه ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .
وبذلك تكون الآيات الكريمة قد حذرت الناس بأسلوب تأديبي حكيم من كتمان الحق ، ومن الكفر باللَّه ، وفتحت أمامهم باب التوبة ليدخلوه بصادق النية ، وصالح العمل ، وتوعدت من يستمر في ضلاله وطغيانه بأقسى أنواع العذاب ، وأغلظ ألوانه .

327

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست