responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 317


وهذه الجملة الكريمة وهي قوله - تعالى - : * ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ ) * . . إلخ وصف كريم لأولئك الصابرين ، لأنها أفادت أن صبرهم أكمل الصبر ، إذ هو صبر مقترن ببصيرة مستنيرة جعلتهم يقرون عن عقيدة صادقة أنهم ملك للَّه يتصرف فيهم كيف يشاء ، ومن ربط نفسه بعقيدة أنه ملك للَّه وأن المرجع إليه ، يكون بذلك قد هيأها للصبر الجميل عند كل مصيبة تفاجئه .
قال القرطبي : جعل اللَّه هذه الكلمات وهي قوله - تعالى - : * ( إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ ) * ملجأ لذوي المصائب ، وعصمة للممتحنين ، لما جمعت من المعاني المباركة ، فإن قوله « إنا للَّه » توحيد واقرار بالعبودية والملك وقوله * ( وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ ) * إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا ، واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له . قال سعيد بن جبير : لم تعط هذه الكلمات نبيا قبل نبينا ، ولو عرفها يعقوب لما قال : يا أسفى على يوسف » « 1 » .
هذا ، ولا يتنافى مع الصبر ما يكون من الحزن عند حصول المصيبة ، فقد ورد في الصحيحين أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بكى عند موت ابنه إبراهيم وقال : العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون « .
وإنما الذي ينافيه ويؤاخذ الإنسان عليه ، الجزع المفضى إلى إنكار حكمة اللَّه فيما نزل به من بأساء أو ضراء ، أو إلى فعل ما حرمه الإسلام من نحو النياحة وشق الجيوب ، ولطم الخدود .
ثم بين - سبحانه - ما أعده للصابرين من أجر جزيل فقال : * ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ ، وأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) * .
* ( أُولئِكَ ) * اسم اشارة ، أتى به - سبحانه - للتنبيه على أن المشار إليه هم الموصوفون بجميع الصفات السابقة على اسم الإشارة ، وأن الحكم الذي ورد بعد مترتب على هذه الأوصاف .
والصلوات جمع صلاة . وصلاة اللَّه على عباده إقباله عليهم . بالثناء والعطف والمغفرة .
وجمعت مراعاة لكثرة ما يترتب عليها من أنواع الخيرات في الدنيا والآخرة .
الرحمة كما هو مذهب السلف - صفة قائمة بذاته - تعالى - لا نعرف حقيقتها وإنما نعرف أثرها الذي هو الإحسان .
وعطف - سبحانه - الرحمة على الصلوات ليدل على أن بعد ذلك الإقبال منه على عباده إنعاما واسعا ، وعطاء جزيلا في الدنيا والآخرة .


( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 176 طبعة دار الكتب الطبعة الثانية سنة 1373 ه .

317

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست