نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 272
* ( وبِئْسَ ) * فعل يستعمل لذم المرفوع بعده ، وهو ما يسميه النحاة بالمخصوص بالذم ، ووردت هنا لذم النار المقدرة في الجملة ، والمعنى : بئس المصير النار . أى أنها مصير سىء كما قال تعالى في آية أخرى . إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا ومُقاماً . وقد أفادت الآية الكريمة أن اللَّه يرزق الكافر في الدنيا كما يرزق المؤمن وإذا كان إمتاع المؤمن بالرزق لأنه أهل لأن ينعم عليه بكل خير ، فإمتاع الكافر بالرزق له حكم منها استدراجه المشار إليه بقوله تعالى : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ولو خص اللَّه المؤمنين بالتوسعة في الرزق وحرم منها الكافرين لكان هذا التخصيص سائقا للكافرين إلى الإيمان على وجه يشبه الإلجاء . وقد قضت حكمته - تعالى - أن يكون الإيمان اختياريا حتى ينساق الإنسان من طريق النظر في أدلة عقلية يبصر بها أقوام ولا يبصر بها آخرون . ثم حكى القرآن دعوة ثالثة تضرع بها إبراهيم إلى ربه فقال : * ( وإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) * . القواعد : جمع قاعدة ، وهي أساس البناء الموالي للأرض ، وبها يكون ثبات البناء . ورفعها : إبرازها عن الأرض بالبناء عليها . والمراد بالبيت الكعبة . والتقبل : القبول ، وقبول اللَّه للعمل أن يرضاه أو يثيب عليه . والمعنى : واذكر يا محمد ما صدر من الرسولين الكريمين إبراهيم وإسماعيل فقد كانا وهما يقومان يرفع قواعد الكعبة يتضرعان إلى ويقولان : يا ربنا تقبل منا أقوالنا وأعمالنا ، إنك أنت السميع العليم . وتصدير الدعاء بندائه - سبحانه - باسم الرب المضاف إلى ضميرهما مظهر من مظاهر خضوعهما ، وإجلالهما لمقامه ، والخضوع له - سبحانه - ، وإجلال مقامه من أسنى الآداب التي تجعل الدعاء بمقربة من الاستجابة . وعبر بالمضارع فقال : * ( وإِذْ يَرْفَعُ ) * مع أن رفع القواعد كان قبل نزول الآية ، وذلك ليخرجه في صورة الحاضر في الواقع لأهمّيّته . وختما دعاءهما بذكر اسمين من أسمائه الحسنى ، ليؤكدا أن رجاءهما في استجابة دعائهما وثيق ، وأن ما عملاه ابتغاء مرضاته جدير بالقبول . لأن من كان سميعا عليما بنيات الداعين وصدق ضمائرهم ، كان تفضله باستجابة دعاء المخلصين في طاعته غير بعيد .
272
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 272