نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 271
والثمرات : جمع ثمرة ، وهي ما يحمله شجر أو زرع أو غيره من النبات . وإنما طلب ابراهيم - عليه السلام - من اللَّه أن يجعل مكة بلدا آمنا ، وأن يرزق أهلها من الثمرات بما يغنيهم لأن البلد إذا امتدت إليه ظلال الأمن ، وكانت مطالب الحياة فيه ميسرة ، أقبل أهله على طاعة اللَّه بقلوب مطمئنة وتفرغوا لذلك بنفوس مستقرة . وقال في دعائه : * ( مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ ) * لأن أهل مكة قد يكون من بينهم كافرون ، فأراد تخصيص المؤمنين منهم بدعائه ، لذا أتبع قوله : * ( وارْزُقْ أَهْلَه ) * بقوله : * ( مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ) * على وجه البدل فصار المعنى وارزق المؤمنين من أهله على ما تقتضيه القاعدة العربية من أن البدل وهو هنا * ( مَنْ آمَنَ ) * هو المقصود بطلب الرزق . وخص إبراهيم المؤمنين بطلب الرزق لهم حرصا على شيوع الإيمان بين سكان مكة ، لأنهم إذا علموا أن دعوة إبراهيم إنما هي خاصة بالمؤمنين تجنبوا ما يبعدهم عن الإيمان ، أو أنه خص المؤمنين بذلك تأدبا مع اللَّه - تعالى - إذ سأله سؤالا أقرب إلى الإجابة ، ولعله استشعر من رد اللَّه عليه عموم دعائه السابق إذ قال : * ( ومِنْ ذُرِّيَّتِي ) * فقال : * ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) * أن غير المؤمنين ليسوا أهلا لإجراء رزق اللَّه عليهم . واقتصر على ذكر الإيمان باللَّه واليوم الآخر في التعبير عن المؤمنين لأن الإيمان باللَّه واليوم الآخر لا يقع على الوجه الحق إلا إذا صاحبه الإيمان بكتب اللَّه ورسله وملائكته . ثم بين - سبحانه - مصير الكافرين فقال : * ( قالَ ومَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُه قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّه إِلى عَذابِ النَّارِ وبِئْسَ الْمَصِيرُ ) * . الضمير في * ( قالَ ) * يعود إلى اللَّه - تعالى - ومن في قوله * ( ومَنْ كَفَرَ ) * منصوب بفعل مقدر دل عليه « فأمتعه » . والمعنى : قال اللَّه وأرزق من كفر وإيراد المتكلم قولا من عنده معطوفا على قول متكلم آخر مألوف في اللغة العربية ، ويحسن موقعه عند ما يقتضى المقام إيجازا في القول ، ولو لا هذا العطف لكان المعنى متطلبا لأن يقال : قال اللَّه أرزق من آمن ومن كفر . و * ( فَأُمَتِّعُه ) * : من التمتع وهو إعطاء ما ينتفع به . و * ( قَلِيلًا ) * : وصف لمصدر محذوف في النظم ، والمعنى : أمتعه تمتيعا قليلا . ووصف التمتع في الدنيا بالقلة ، لأنه صائر إلى نفاد وانقطاع . و * ( أَضْطَرُّه ) * أى ألجئه وأسوقه بعد متاعه في الدنيا إلى عذاب لا يمكنه الانفكاك عنه وجملة « ثم أضطره إلى عذاب النار » احتراس من أن يغتر الكافر بأن تخويله النعم في الدنيا يؤذن برضا اللَّه فلذلك ذكر العذاب هنا .
271
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 271