responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 270


ولم يعطف السجود على الركع ، لأن الوصفين متلازمان ولو عطف لتوهم أنهما وصفان مفترقان .
ثم ساق القرآن بعد ذلك نماذج من الدعوات التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه فقال :
* ( وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً ) * أى : أضرع إليك يا إلهى أن تجعل الموضع الذي فيه بيتك مكانا يأنس إليه الناس ، ويأمنون فيه من الخوف ، ويجدون فيه كل ما يرجون من أمان واطمئنان .
والمشار إليه بقوله : * ( هذا ) * مكة المكرمة . والبلد كل قطعة من الأرض عامرة أو غامرة .
والمقصود بالدعاء إنما هو أمن أهله لأن الأمن والخوف لا يلحقان البلد ، وإنما يلحقان أهل البلد .
قال الإمام الرازي : وإنما قال هنا * ( بَلَداً آمِناً ) * على التنكير ، وقال في سورة إبراهيم رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً على التعريف لوجهين :
الأول : أن الدعوة الأولى وقعت ولم يكن المكان قد جعل بلدا ، كأنه قال : اجعل هذا الوادي بلدا آمنا . والدعوة الثانية وقعت وقد جعل بلدا ، فكأنه قال : اجعل هذا المكان الذي صيرته بلدا ذا أمن وسلامة .
الثاني : أن تكون الدعوتان وقعتا بعد ما صار المكان بلدا ، فقوله : * ( اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً ) * تقديره : أجعل هذا البلد بلدا آمنا كقولك : كان اليوم يوما حارا ، وهذا إنما تذكره للمبالغة في وصفه بالحرارة ، لأن التنكير يدل على المبالغة فقوله : رب اجعل هذا البلد بلدا آمنا معناه :
اجعله من البلدان الكاملة في الأمن . وأما قوله : رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً فليس فيه إلا طلب الأمن لا طلب المبالغة « 1 » .
أما الدعوة الثانية التي توجه بها إبراهيم إلى ربه من أجل أهل مكة فقد حكاها القرآن في قوله :
* ( وارْزُقْ أَهْلَه مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ ) * .
أى : كما أسألك يا إلهى أن تجعل هذا لبلد بلدا آمنا . أسألك كذلك أن ترزق المؤمنين من أهله من الثمرات ما يسد حاجاتهم ، ويغنيهم من الاحتياج إلى غيرك .
وقوله : « ارزق » مأخوذ من رزقه يرزقه إذا أعطاه ما ينتفع به من مأكول وغيره .


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 1 ص 476 .

270

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست