نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 263
ثم حذر القرآن من اتباع أهل الكتاب فقال : * ( ولَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ، ما لَكَ مِنَ اللَّه مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ ) * . اللام في قوله : * ( ولَئِنِ ) * تشعر بأن في الجملة قسما مقدرا روعي في صدرها ليفيد تأكيد ما تضمنته من أن متبع أهواء أهل الكتاب لا يجد من اللَّه وليا ولا نصيرا . والأهواء : جمع هوى ، والمراد بها آراؤهم المنحرفة عن الحق الصادرة من شهوات في أنفسهم . والعلم : الدين : وسمى علما لأنه يعلم بالأدلة القاطعة . والولي : القريب والحليف . والنصير : كل من يعين غيره على من يناوئه ويبسط إليه يده بسوء . والمعنى : ولئن اتبعت - يا محمد - آراءهم الزائفة ، بعد الذي جاءك من العلم بأن دين اللَّه هو الإسلام ، أو من الدين المعلوم صحته بالبراهين الواضحة ، مالك من اللَّه من ولى يلي أمرك ولا نصير يدفع عنك عقابه . وإنما أوثر خطابه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بذلك ليدخل دخولا أوليا من اتبع أهواءهم بعد الإسلام من المنافقين تمسكا بولايتهم ، وطمعا في نصرتهم . وبعد أن ذكر القرآن في الآيات السابقة أحوال الكافرين من أهل الكتاب أخذ في بيان حال المؤمنين ، فقال : * ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَه حَقَّ تِلاوَتِه ) * . أى : يقرؤنه قراءة حقة ، مصحوبة بضبط لفظه ، وتدبر معانيه ، ولا شك أن ضبط لفظه يقتضى عدم تحريف ما لا يوافق أهواء أهل الكتاب ، كالجمل الواردة في نعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأن تدبره يستدعى اتباعه والعمل به . وجملة : * ( يَتْلُونَه حَقَّ تِلاوَتِه ) * حال من الضمير ( هم ) أو من الكتاب وهذه الحال من قبيل الأحوال التي تلابس صاحبها بعد وقوع عاملها ، فإنهم إنما يتلون الكتاب بعد أن يؤتوه . وهي التي تسمى بالحال المقدرة أى : مقدرا وقوعها بعد وقوع عاملها . والمراد بالذين أوتوا الكتاب ، مؤمنو أهل الكتاب . والمراد بالكتاب التوراة والإنجيل . أو هم أصحاب النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم والكتاب : القرآن . وأجاز بعضهم أن تكون الآية سيقت مدحا لمن آمن من أهل الكتاب بالقرآن ، فيكون الضمير في يتلونه القرآن . وقوله : * ( أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِه ) * خبر عن قوله : * ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ ) * .
263
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 263