responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 257


كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ . ويَبْقى وَجْه رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإِكْرامِ . وقوله - تعالى - : * ( كُلٌّ لَه قانِتُونَ ) * .
معناه : كل له مطيعون طاعة تسخير وانقياد ، خاضعون لا يستعصى منهم شيء على مشيئته وإرادته : شاهدون بلسان الحال والمقال على وحدانيته من القنوت وهو لزوم الطاعة مع الخضوع ، وإنما جاء * ( قانِتُونَ ) * بجمع المذكر المختص بالعقلاء ، مع أن الخضوع للَّه يكون من العقلاء وغيرهم تغليبا للعقلاء على غيرهم ، لأنهم أهل القنوت عن إرادة وبصيرة ، ولأن ظهوره فيهم أكمل من ظهوره في غيرهم .
وفصلت جملة * ( كُلٌّ لَه قانِتُونَ ) * عن سابقتها ، لقصد استقلالها بالاستدلال على نفى أن يكون للَّه ولد ، حتى لا يظن السامع أنها مكملة للدليل المسوق له قوله - تعالى - : * ( لَه ما فِي السَّماواتِ والأَرْضِ ) * .
ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر قدرته فقال : * ( بَدِيعُ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * أى : مبدعهما ومنشئهما بلا احتذاء ولا اقتداء . وبلا آلة ولا مادة ، وبديع صفة مشبهة من أبدع ، والذي ابتدعهما من غير أصل ولا مثال هو اللَّه - تعالى - . وخص السموات والأرض بالإبداع ، لأنهما أعظم ما يشاهد من المخلوقات .
قال القرطبي : « قوله - تعالى - : * ( بَدِيعُ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * فعيل للمبالغة . وارتفع على أنه خبر ابتداء محذوف ، واسم الفاعل مبدع كبصير من مبصر . أبدعت الشيء لا عن مثال ، فاللَّه - تعالى - بديع السموات والأرض ، أى منشئهما وموجدهما ، ومخترعهما ، على غير حد ولا مثال ، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع ، ومنه أصحاب البدع وسميت البدعة بدعة لأن قائلها ابتدعها من غير فعل أو مقال إمام . . . » « 1 » .
وقوله : * ( وإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَه كُنْ فَيَكُونُ ) * معناه : وإذا أراد - سبحانه - إحداث أمر من الأمور حدث فورا . « وكن فيكون ، فعلان من الكون بمعنى الحدوث . ويرى كثير من أهل السنة أن الجملة واردة على وجه التمثيل ، لحدوث ما تتعلق به إرادته - سبحانه - بلا مهلة وبلا توقف . وليس المراد أنه إذا أراد إحداث أمر أتى بالكاف والنون ، ففي الكلام استعارة تمثيلية .
ويرى آخرون أن الأمر يكن محمول على حقيقته ، وأنه - تعالى - أجرى سنته في تكوين الأشياء أن يكونها بكلمة كن أزلا .
وبذلك نرى أن الآيتين الكريمتين قد حكتا بعض الشبهات الباطلة التي أوردها الضالون


( 1 ) تفسير القرطبي ج 1 ص 86 .

257

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست