نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 253
ولم تصرح الآية الكريمة بما ذا يحكم اللَّه بينهم ، لأنه من المعلوم أن من مظاهر حكم اللَّه يوم القيامة إثابة من كان على حق ، وعقاب من كان على باطل . وبذلك تكون الآية الكريمة قد فضحت أهل الكتاب ، حيث بينت كيف أن كل فريق منهم قد رمى صاحبه بالضلال ، وفي هذا تثبيت للمؤمنين ونهى لهم عن أن ينهجوا نهجهم . ثم تحدث القرآن عن سوء عاقبة من يسعى في خراب بيوت اللَّه ، فقال : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 114 ] ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّه أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه وسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ( 114 ) ويرى بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن الرومانيين الذين غزوا بيت المقدس وخربوه . ويرى آخرون أنها نزلت في كفار قريش حين منعوا رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يدخل المسجد الحرام عام الحديبية . وكيفما كان سبب النزول ، فالآية تشمل بذمها ووعيدها ، كل من منع مساجد اللَّه أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها . ومن اسم استفهام يراد منه النفي ، أى : لا أظلم . والمساجد : جمع مسجد ، وهو المكان الخاص للعبادة ، مأخوذ من السجود ، وهو وضع الجبهة على الأرض خضوعا للَّه وتعظيما . والظلم : الاعتداء على حق الغير ، بالتصرف فيه بما لا يرضى به ، ويطلق على وضع الشيء في غير ما يستحق أن يوضع فيه ، والمعنيان واضحان هنا . وذكر اسم اللَّه كناية عما يؤدى فيها من العبادات ، إذ لا تكاد عبادة تخلو من ذكر اسمه - تعالى - : والسعى في الأصل : المشي بسرعة في معنى الطلب والعمل . والخراب : ضد التعمير ، ويستعمل لمعنى تعطيل المكان وخلوه مما وضع له . قال القرطبي : « وخراب المساجد قد يكون حقيقيا ، كتخريب بختنصر والرومان لبيت
253
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 253