نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 250
المشهود له بالرسوخ في علم الشريعة ، والمعروف بالمحافظة على لباس التقوى ما استطاع » « 1 » . ثم أبطل القرآن الكريم مدعاهم بطريق آخر وهو إيراد قاعدة كلية رتبت دخول الجنة على الإيمان والعمل الصالح بلا محاباة لأمة أو لجنس أو لطائفة فقال تعالى : * ( بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَه لِلَّه وهُوَ مُحْسِنٌ فَلَه أَجْرُه عِنْدَ رَبِّه ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * . * ( بَلى ) * حرف يذكر في الجواب لإثبات المنفي في كلام سابق ، وقد صدرت الآية التي معنا بحرف « بلى » لإثبات ما نفوه وهو دخول غيرهم الجنة ممن لم يكن لا من اليهود ولا من النصارى ، مادام قد أسلَّم وجهه للَّه وهو محسن . وقوله تعالى : * ( أَسْلَمَ وَجْهَه لِلَّه ) * المراد به اتجه إليه ، وأذعن لأمره ، وأخلص له العبادة ، وأصل معناه الاستسلام والخضوع . وخص اللَّه - تعالى - الوجه دون سائر الجوارح بذلك ، لأنه أكرم الأعضاء وأعظمها حرمة ، فإذا خضع الوجه الذي هو أكرم أعضاء الجسد فغيره من أجزاء الجسد أكثر خضوعا . وقوله تعالى : * ( وهُوَ مُحْسِنٌ ) * من الإحسان ، وهو أداء العمل على وجه حسن أى : مطابق للصواب وهو ما جاء به الشرع الشريف . والمعنى : ليس الحق فيما زعمه كل فريق منكم يا معشر اليهود والنصارى من أن الجنة لكم دون غيركم ، وإنما الحق أن كل من أخلص نفسه للَّه ، وأتى بالعمل الصالح على وجه حسن ، فإنه يدخل الجنة ، كما قال تعالى : * ( فَلَه أَجْرُه عِنْدَ رَبِّه ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * . وقد أفادت الآية الكريمة ما يأتى : ( أ ) إثبات ما نفوه من دخول غيرهم الجنة . ( ب ) بيان أنهم ليسوا من أهل الجنة ، إلا إذا أسلموا وجوههم للَّه ، وأحسنوا له العمل فيكون ذلك ترغيبا لهم في الإسلام ، وبيانا لمفارقة حالهم لحال من يدخل الجنة ، لكي يقلعوا عما هم عليه ، ويعدلوا عن طريقتهم المعوجة . ( ج ) بيان أن العمل المقبول عند اللَّه - تعالى - يجب أن يتوفر فيه أمران : أولهما : أن يكون خالصا للَّه وحده . ثانيهما : أن يكون مطابقا للشريعة التي ارتضاها اللَّه تعالى وهي شريعة الإسلام .
( 1 ) تفسير الآية الكريمة للمرحوم الشيخ محمد الخضر حسين : مجلة لواء الإسلام السنة الثالثة العدد الخامس ص 7 .
250
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 250