نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 249
يفيد بوضعه الزيادة في الآحاد فنقل إلى تأكيد الواحد ، وإبانته زيادة على نظرائه ، نقلا مجازيا بديعا فتدبر هذا الفصل فإنه من نفائس صناعة البيان واللَّه المرفق » « 1 » . ثم أمر اللَّه - تعالى - رسوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يطالبهم بالدليل على صحة ما يدعون ، فقال تعالى « قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين » . أى قل - يا محمد - لهؤلاء الزاعمين أن الجنة لهم خاصة من دون الناس ، هاتوا حجتكم على خلوص الجنة لكم ، إن كنتم صادقين في دعواكم ، لأنه لما كانت دعواهم الاختصاص بدخول الجنة لا تثبت إلا بوحي من اللَّه وليس لمجرد التمني ، أمر اللَّه - تعالى - نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يطالبهم بالدليل من كتبهم على صحة دعواهم ، وهذه المطالبة من قبيل التعجيز لأن كتبهم خالية مما يدل على صحتها . قال الإمام ابن جرير : « وهذا الكلام وإن كان ظاهره دعاء القائلين * ( لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى ) * إلى إحضار حجة على دعواهم ، فإنه بمعنى التكذيب من اللَّه لهم في دعواهم وقيلهم ، لأنهم ليسوا بقادرين على إحضار برهان على دعواهم تلك أبدا » « 2 » . هذا ، ويؤخذ من الآية الكريمة بطلان التقليد في أمور الدين ، وهو قبول قول الغير مجردا من الدليل ، فلا ينبغي للإنسان أن يقرر رأيا في الدين إلا أن يسنده إلى دليل ، كما أنه لا يقبل من غيره قولا إلا أن يكون مؤيدا بدليل . أما عدم صحة التقليد في أصول الدين : أى فيما يرجع إلى حقيقة الإيمان فالأمر فيه جلى ، لأنه يكتفى في إيمان الشخص بأى دليل ينشرح به صدره للإسلام ، وتحصل له به الطمأنينة ، كأن يستمد إيمانه باللَّه من التنبيه لحكمة اللَّه في إتقان المخلوقات ، أو في رعاية اللطف والرفق بالإنسان ، ويستمد إيمانه بصدق الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من الاستماع إلى القران الكريم ، أو من سيرته التي لم يظهر بمثلها أو بما يقرب منها بشر غير رسول ، والقصد أن لا يكون إسلامه لمجرد أنه في بيئة إسلامية أو ولد من أب وأم مسلمين . وأما التقليد في الفروع أى في الأحكام العملية ، فالناس بالنظر إلى القدرة على تمييز الخطأ من الصواب درجات ، فمن له قدرة على فهم الأدلة ومعرفة الراجح من الأحكام ، لا يجوز أن يتلقى الحكم من غيره إلا مقرونا بدليل ، وإن كان قاصرا عن هذه الدرجة أخذ بما يفتيه به العالم
( 1 ) هامش تفسير الكشاف ج 1 ص 330 . ( 2 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 649 .
249
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 249