responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 242


ومما يدل على نسخ الآية المنساة ، أى : انتهاء مدة التكليف بها قوله تعالى : * ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) * أى نأت بخير من المنسية المنسوخة أو مثلها ، فيكون قوله تعالى : * ( أَوْ نُنْسِها ) * معبرا عن حالة تعرض في بعض ما سيرفع من القرآن وهي أن ينساه الناس لذهابه من قلوبهم ، بعد أن يقضى اللَّه بنسخه - كما ذكرنا - .
ووجه ذكر هذه الحال بوجه خاص ، أن ما ينسى لعدم حضوره في الذهن لا تعرف الآيات التي تقوم مقامه ، فربما يقع في الوهم أنه ذهب من غير أن ينزل من الآيات ما يغنى غناءه .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ننسأها بالهمزة ، من النساء وهو التأخير وعلى هذه القراءة يحمل النسخ في قوله تعالى : * ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ) * على النوعين السابقين وهما : نسخ الآية حكما فقط ، ونسخها حكما وتلاوة .
ومعنى ننسأها تؤخر إنزالها إلى وقت ثان فلا ننزلها ، وننزل ما يقوم مقامها في القيام بالمصلحة .
والخيرية والمماثلة في قوله تعالى : * ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) * ترجع إلى ثواب العمل بها .
فقد يكون ثواب العمل بالناسخة أوفر من ثواب العمل بالمنسوخة قبل نسخها ، وقد يكون مماثلا له ، وإن كانت كل واحدة من الآيتين الناسخة والمنسوخة بالنظر إلى الوقت المقدر للعمل بها ، أقوم على المصلحة من الأخرى .
وبعد أن أثبت - سبحانه - أن النسخ جائز وواقع بقوله : * ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) * ساق جملة كريمة في صورة الاستفهام التقريرى ، مخاطبا بها الأمة الإسلامية في شخص نبيها صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لتكون دليلا على هذا الثبوت ، وهذه الجملة هي قوله تعالى : * ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) * والمعنى أن اللَّه - تعالى - متمكن من أن يفعل ما يشاء على الوجه الذي تقتضيه حكمته وإرادته ، ومن كان هذا شأنه فله أن يأمر في وقت بأمر ، ثم ينسخه أو يستبدل به آخر لمقتضيات الظروف والأحوال .
ثم أقام - سبحانه - الدليل على كمال قدرته وشمولها لكل شيء فقال :
* ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّه لَه مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ ، وما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّه مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ ) * .
والمعنى : أنه - سبحانه - مالك لجميع الكائنات العلوية والسفلية ، وأنه هو المتصرف كما يشاء في ذواتها وأحوالها ، وأنه يتصرف في أمورهم ويجريها على حسب ما يصلحهم ، وهو أعلم بما يتعبدهم به من ناسخ ومنسوخ وليس للناس من أحد يتولى أمورهم ، ويعينهم على أعدائهم سواه ، ومن كان اللَّه وليه ونصيره علم يقينا أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له في دنياه وأخراه .

242

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست