responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 22


وقال : * ( نَعْبُدُ ) * بنون الجماعة ولم يقل أعبد ، ليدل على أن العبادة أحسن ما تكون في جماعة المؤمنين ، وللإشعار بأن المؤمنين المخلصين يكونون في اتحادهم وإخائهم بحيث يقوم كل واحد منهم في الحديث عن شئونهم الظاهرة وغير الظاهرة مقام جميعهم ، فهم كما قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم :
« المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم » .
وقدمت العبادة على الاستعانة ، لكون الأولى وسيلة إلى الثانية . وتقديم الوسائل سبب في تحصيل المطالب ، وليدل على أنهم لا يستقلون بإقامة العبادات ، بل إن عون اللَّه هو الذي ييسر لهم أداءها .
ولم يذكر المستعان عليه من الأعمال ، ليشمل الطلب كل ما تتجه إليه نفس الإنسان من الأعمال الصالحة .
وجاءت الآية الكريمة بأسلوب الخطاب على طريقة الالتفات ، تلوينا لنظم الكلام من أسلوب إلى أسلوب . وقد وضح هذا المعنى صاحب الكشاف فقال : « فإن قلت : لم عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب ؟ قلت : هذا يسمى الالتفات في علم البيان . وهو قد يكون من الغيبة إلى الخطاب ، ومن الخطاب إلى الغيبة ، ومن الغيبة إلى التكلم . . . وذلك على عادة العرب في افتنانهم في الكلام وتصرفهم فيه . لأن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب ، كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع ، وإيقاظا للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد : وقد تختص مواضعه بفوائد . ومما اختص به هذا الموضع : أنه لما ذكر الحقيق بالحمد ، وأجرى عليه تلك الصفات العظام ، تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن ، حقيق بالثناء وغاية للخضوع والاستعانة في المهمات ، فخوطب ذلك المعلوم المتميز بتلك الصفات فقيل : إياك يا من هذه صفاته نخصك بالعبادة والاستعانة ، ولا نعبد غيرك ولا نستعينه . . . » « 1 » .
هذا ، وقد جاءت في فضل هذه الآية الكريمة آثار متعددة ، ومن ذلك قول بعض العلماء :
الفاتحة سر القرآن ، وسرها هذه الكلمة * ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) * فالأول تبرؤ من الشرك ، والثاني تبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى اللَّه » « 2 » .
ثم بين - سبحانه - أن أفضل شيء يطلبه العبد من ربه ، إنما هو هدايته إلى الطريق الذي يوصل إلى أسمى الغايات ، وأعظم المقاصد ، فقال - تعالى - :
* ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ . غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولَا الضَّالِّينَ ) * ،


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 13 طبعة بيروت . ( 2 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 25 طبعة الحلبي .

22

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست