responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 213


نجران ، جاء اللفظ بها صريحا في قوله تعالى : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيه مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وأَبْناءَكُمْ ، ونِساءَنا ونِساءَكُمْ وأَنْفُسَنا وأَنْفُسَكُمْ ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّه عَلَى الْكاذِبِينَ « 1 » .
ثم أخبر - سبحانه - بأن هؤلاء اليهود لن يتمنوا الموت أبدا بسبب ما فعلوا من شرور فقال تعالى : * ( ولَنْ يَتَمَنَّوْه أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ واللَّه عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) * .
أى : لا يتمنى اليهود الموت أبدا بسبب ما قدمت أيديهم من آثام ، واللَّه - عز وجل - لا تخفى عليه خافية من سيئاتهم واعتداءاتهم بل هو سيسجلها عليهم ، ويجازيهم عليها الجزاء الذي يستحقونه ، والآية الكريمة خبر من اللَّه - تعالى - عن اليهود بأنهم يكرهون الموت ، ويمتنعون عن الإجابة إلى ما دعوا إليه من تمنيه ، لعلمهم بأنهم إن فعلوا فالموت نازل بهم ، وذلك لأن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لم يخبرهم خبرا إلا كان حقا كما أخبر فهم يحذرون أن يتمنوا الموت ، خوفا من أن يحل بهم عقاب اللَّه بما كسبت أيديهم من الذنوب .
وقد صح من عدة طرق عن ابن عباس أنه قال : « لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه » .
وقال ابن جرير في تفسيره : « وبلغنا أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا » قال حدثنا بذلك أبو كريب ، حدثنا زكريا بن عدى ، حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو ، عن عبد الكريم عن ابن عباس عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم « 2 » .
وقال الإمام ابن كثير : ورواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن يزيد الرقى حدثنا فرات عن عبد الكريم به » « 3 » .
وقال صاحب الكشاف : قوله : * ( ولَنْ يَتَمَنَّوْه أَبَداً ) * من المعجزات لأنه إخبار بالغيب وكان كما أخبر به ، كقوله تعالى : ولَنْ تَفْعَلُوا فإن قلت : ما أدراك أنهم لم يتمنوا الموت : قلت لو تمنوا لنقل ذلك عنهم كما نقلت سائر الحوادث ، ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولى المطاعن في الإسلام أكثر من الذر وليس أحد منهم نقل عنه ذلك » « 4 » .
ويكفى في تحقيق هذه المعجزة ، ألا يصدر تمنى الموت عن اليهود الذين تحداهم النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بذلك ، وهم الذين كانوا يضعون العراقيل في طريق دعوته ، ويصرون على جحود نبوته فلا يقدح في هذه المعجزة أن ينطق يهودي بعد العهد النبوي بتمني الموت وهو حريص على الحياة ، لأن المعنيين بالتحدي هم اليهود المعاصرون للعهد النبوي .


( 1 ) آل عمران الآية 61 . ( 2 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 427 . ( 3 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 427 . ( 4 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 225 .

213

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست