responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 20


ولا شك أن في هذا الإفهام تحريضا لهم على حمده وعبادته بقلوب مطمئنة ، ونفوس مبتهجة ، ودعوة لهم إلى أن يقيموا حياتهم على الرحمة والإحسان ، لا على الجبروت والطغيان ، فالراحمون يرحمهم الرحمن .
* ( مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) * بعد أن بين - سبحانه - لعباده موجبات حمده ، وأنه الجدير وحده بالحمد ، لأنه المربى الرحيم ، والمنعم الكريم ، أتبع ذلك ببيان أنه - سبحانه - * ( مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) * .
والمالك وصف من الملك - بكسر الميم - بمعنى حيازة الشيء مع القدرة على التصرف فيه .
واليوم في العرف : ما يكون من طلوع الشمس إلى غروبها ، وليس هذا مرادا هنا ، وإنما المراد مطلق الزمن وهو يوم القيامة .
والدين : الجزاء والحساب ، يقال : دنته بما صنع ، أى : جازيته على صنيعه ، ومنه قولهم .
كما تدين تدان . أى : كما تفعل تجازى ، وفي الحديث ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ) أى : حاسب نفسه : والمعنى : أنه - تعالى - يتصرف في أمور يوم الدين من حساب وثواب وعقاب ، تصرف المالك فيما يملك ، كما قال - تعالى - يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّه .
وهناك قراءة أخرى للآية وهي ملك يوم الدين من الملك - بضم الميم - وعليها يكون المعنى : أنه - تعالى - هو المدبر لأمور يوم الدين ، وأن له على ذلك اليوم هيمنة الملوك وسيطرتهم ، فكل شيء في ذلك اليوم يجرى بأمره ، وكل تصرف فيه ينفذ باسمه ، كما قال - تعالى - لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّه الْواحِدِ الْقَهَّارِ .
قال الإمام ابن كثير : « وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه ، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين ، وذلك عام في الدنيا والآخرة . وإنما أضيف إلى يوم الدين ، لأنه لا يدعى أحد هنالك شيئا ، ولا يتكلم أحد إلا بإذنه ، كما قال - تعالى - يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والْمَلائِكَةُ صَفًّا . لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَه الرَّحْمنُ وقالَ صَواباً .
والملك في الحقيقة هو اللَّه ، قال - تعالى - هُوَ اللَّه الَّذِي لا إِله إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ وفي الصحيحين عن أبى هريرة ، عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال : « يقبض اللَّه الأرض ، ويطوى السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ، أين المتكبرون » ثم قال : وأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال - تعالى - إِنَّ اللَّه قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً « 1 » .


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 25 .

20

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست