نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 184
أى كتبوا الكتابة بأيديهم ، ونسبوها إلى اللَّه زورا وبهتانا ليحصلوا على عرض قليل من أعراض الدنيا ، كاجتلاب الأموال الحرام ، وانتحال العلم لأنفسهم والطمع في الرئاسة والجاه ، وإرضاء العامة بما يوافق أهواءهم . وعبر - سبحانه - عن الثمن بأنه قليل ، لأنه مهما كثر فهو قليل بالنسبة إلى ما استوجبوه من العذاب ، وحرموه من الثواب المقيم . وقوله تعالى : * ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ووَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) * تهديد لهم مرتب على كتابة الكتاب المحرف ، وعلى أكلهم أموال الناس بالباطل ، فهو وعيد لهم على الوسيلة - وهي الكتابة - وعلى الغاية - وهي أخذ المال بغير حق - . قال الشيخ القاسمى : قال الراغب : فإن قيل : لم ذكر * ( يَكْسِبُونَ ) * بلفظ المستقبل ، و * ( كَتَبَتْ ) * بلفظ الماضي ؟ قيل : تنبيها على ما قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، « من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة » فنبه بالآية إلى أن ما أثبتوه من التأويلات الفاسدة التي يعتمدها الجهلة هو اكتساب وزر يكتسبونه حالا فحالا ، وعبر بالكتابة دون القول لأنها متضمنة له وزيادة ، فهي كذب باللسان واليد . وكلام اليد يبقى رسمه ، أما القول فقد يضمحل أثره » « 1 » . وبهذا تكون الآيات الكريمة قد دمغت اليهود برذيلة التحريف لكلام اللَّه عن تعمد وإصرار ووصفتهم بالنفاق والخداع ، ووبختهم على بلادة أذهانهم وسوء تصورهم لعلم اللَّه - تعالى - وتوعدتهم بسوء المصير جزاء كذبهم على اللَّه . ثم حكى القرآن بعد ذلك لونا من ألوان دعاواهم الباطلة ، وأقاويلهم الفاسدة ، ورد عليهم بما يخرس ألسنتهم ويقطع حجتهم ، فقال تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 80 الى 82 ] وقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّه عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّه عَهْدَه أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّه ما لا تَعْلَمُونَ ( 80 ) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وأَحاطَتْ بِه خَطِيئَتُه فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ( 81 ) والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ( 82 )
( 1 ) تفسير القاسمى ج 1 ص 174 .
184
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 184