responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 173


الأحياء من الناس ، وبإحياء الموتى تشريع العقوبات صونا لدماء الأحياء منهم واللَّه تعالى حينما أراد أن يدل على هذا المعنى قال ولَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .
فهذه الآية الكريمة تدل على أن القصاص من الجناة يحفظ على الناس حياتهم بدون التواء أو تعمية .
ثالثا : تفسير الإحياء برد الحياة إلى الموتى ، كما قال المفسرون ، يؤدى إلى غرس الإيمان بصحة البعث في القلوب ، لأن المعنى عليه ، كهذا الإحياء العجيب - وهو إحياء القتيل بضربه ببعض البقرة ليخبر عن قاتله - يحيى اللَّه الموتى بأن يبعثهم من قبورهم يوم القيامة ، ليحاسبهم على أعمالهم ، فيكون إثباتا للبعث عن طريق المشاهدة حتى لا ينكره منكر .
رابعا : قوله تعالى بعد ذلك : ويُرِيكُمْ آياتِه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ قرينة قوية على أن المراد بالإحياء ، رد الحياة إلى الموتى بعد موتهم لأن المراد ب آياتِه في هذا الموضع ، - كما قال المفسرون - الدلائل الدالة على عظم قدرته - تعالى - وذلك إنما يكون في خلق الأمور العجيبة الخارقة للعادة والتي ليست في طاقة البشر ، كإحياء الموتى وبعثهم من قبورهم للحساب والجزاء .
ثم بين القرآن الكريم ، بعد ذلك أن هذه المعجزات الباهرة التي تزلزل المشاعر ، وتهز القلوب ، وتبعث في النفوس الإيمان ، لم تؤثر في قلوب بنى إسرائيل الصلدة لأنه قد طرأ عليهم بعد رؤيتها ما أزال آثارها من قلوبهم ، ومحا الاعتبار بها من عقولهم ، فقال تعالى : * ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْهارُ ، وإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْه الْماءُ ، وإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه ، ومَا اللَّه بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) * .
والمعنى : ثم صلبت قلوبكم - يا بنى إسرائيل - وغلظت من بعد أن رأيتم ما رأيتم من معجزات منها إحياء القتيل أمام أعينكم ، فهي كالحجارة في صلابتها وببوستها ، بل هي أشد صلابة منها ، لأن من الحجارة ما فيه ثقوب متعددة ، وخروق متسعة ، فتتدفق منه مياه الأنهار التي تعود بالمنافع على المخلوقات ، ولأن من بينها ما يتصدع تصدعا قليلا فيخرج منه ماء العيون والآبار ولأن منها ما يتردى من رأس الجبل إلى الأرض والسفح من خوف اللَّه وخشيته ، أما أنتم - يا بنى إسرائيل - فإن قلوبكم لا تتأثر بالمواعظ ولا تنقاد للخير ، ولا تفعل ما تؤمر به ، مهما تعاقبت عليكم النعم والنقم والآيات ، وما اللَّه بغافل عما تعملون :
وقوله تعالى : * ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) * بيان لما طرأ على قلوب بنى إسرائيل من بعد عن الاعتبار ، وعدم تأثر بالعظات وإعراض عن الإنابة والإذعان لآيات اللَّه وتحلل من المواثيق التي أقروا بها على أنفسهم .

173

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست