نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 171
قال صاحب تفسير التحرير والتنوير : « وإنما تعلقت إرادة اللَّه بكشف حال من قتل هذا القتيل - مع أنه ، ليس أول قتيل طل دمه في الأمم - إكراما لموسى - عليه السلام - أن يضيع دم في قومه وهو بين أظهرهم ، وبمرأى ومسمع منه ، لا سيما وقد قصد القاتلون استغفاله ودبروا المكيدة في إظهار المطالبة بدمه ، فلو لم يظهر اللَّه - تعالى - هذا الدم ويبين سافكه - لضعف يقين القوم برسولهم موسى - عليه السلام - ولكان ذلك مما يزيد شكهم في صدقه فينقلبوا كافرين ، فكان إظهار القاتل الحقيقي إكراما من اللَّه تعالى - لموسى ، ورحمة بالقوم لئلا يضلوا » « 1 » . وقوله تعالى : فَقُلْنا اضْرِبُوه بِبَعْضِها إرشاد لهم إلى الوسيلة التي عن طريقها سيهتدون إلى القاتل الحقيقي ، والضمير في قوله اضْرِبُوه يعود على النفس ، وتذكيره مراعى فيه معناها هو الشخص أو القتيل . وضرب القتيل ببعضها - أيا كان ذلك البعض - دليل على كمال قدرة اللَّه تعالى . وفيه تيسير عليهم . واسم الإشارة في قوله تعالى : كَذلِكَ يُحْيِ اللَّه الْمَوْتى مشار به إلى محذوف دل عليه سياق الكلام . والتقدير : فقلنا لقوم موسى الذين تنازعوا في شأن القتيل اضربوه ببعض البقرة ليحيا ، فضربوه فأحياه اللَّه ، وأخبر القتيل عن قاتله ، وكمثل إحيائه يحيى اللَّه الموتى في الآخرة للثواب والعقاب . وبذلك تكون الآية ظاهرة في أن الذي ضرب ببعض البقرة قد صار حيا بعد موته . قال الإمام ابن جرير - رحمه اللَّه - : فإن قيل : وما كان معنى الأمر بضرب القتيل ببعضها ؟ قيل : ليحيا فينبئ نبي اللَّه والذين ادارؤا فيه عن قاتله . فإن قال : وأين الخبر عن أن اللَّه - تعالى - أمرهم بذلك ؟ قيل : ترك ذلك اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام الدال عليه ، والمعنى : فقلنا اضربوه ببعضها ليحيا فضربوه فحيي ، يدل على ذلك قوله تعالى : كَذلِكَ يُحْيِ اللَّه الْمَوْتى ويُرِيكُمْ آياتِه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ « 2 » . والمقصود بالآيات في قوله تعالى : ويُرِيكُمْ آياتِه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ الدلائل الدالة على أن اللَّه على كل شيء قدير والتي منها ما شاهدوه بأعينهم من ترتب الحياة على ضرب القتيل بعضو ميت ، وأخباره عن قاتله ، واهتدائهم بسبب ذلك إلى القاتل الحقيقي . وذلك لكي تستعملوا عقولكم في الخير . وتوقنوا بأن من قدر على إحياء نفس ، واحدة فهو قادر على إحياء الأنفس جميعا لأنه - سبحانه - لا يصعب عليه شيء .
( 1 ) تفسير التحرير والتنوير ج 1 ص 529 . ( 2 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 309 .
171
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 171