نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 137
أن يقولوا له : يا رسول اللَّه أو يا نبي اللَّه ، من الصفات التي تشعر بصفات التعظيم والتوقير ، وقد تكررت مناداتهم باسمه مجردا في كثير من المواطن . ومن أدب الصحابة مع الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنهم كانوا يقولون له : يا رسول اللَّه ، استجابة لأمر اللَّه - تعالى - في قوله : لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً . وقولهم : * ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَةً ) * دليل على تمردهم وعصيانهم ، وقلة اكتراثهم بما أوتوا من نعم ، وما شاهدوا من معجزات ، إذ أنهم طلبوا منه أن يروا اللَّه عيانا ، فإن لم يروه داخلهم الشك في صدق نبيهم . وعبر عنهم القرآن الكريم بأنهم يريدون الرؤية ( جهرة ) لإزالة احتمال أنهم يكتفون بالرؤية المنامية ، أو العلم القلبي ، فهم لا يعتقدون إلا بالرؤية الحسية ، لغلظ قلوبهم ، وجفاء طباعهم . وقوله تعالى : * ( فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ) * إشارة إلى أن العقوبة قد فاجأتهم بعد وقت قصير من مطالبهم المتعنتة ، لأن الفاء تفيد التعقيب . وجملة * ( وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) * تفيد أن العقوبة نزلت عليهم وهم يشاهدونها وفي مشاهدتها رعب وخوف أخذ بمجامع قلوبهم ، قبل أن يأخذ العذاب أجسادهم ، وإن إصابتهم بهذه العقوبة كان في حالة إساءتهم وتمردهم وطمعهم في أن ينالوا ما ليس من حقهم . والآية الكريمة تفيد أن بنى إسرائيل طلبوا من نبيهم رؤية اللَّه جهرة في الدنيا ، وأنهم علقوا إيمانهم عليها ، ولم يأبهوا للآيات الدالة على صدق . موسى - عليه السلام - فكان ذلك محض تعنت وعناد منهم ، فأخذتهم الصاعقة عقوبة لهم على ذلك ، وليس على مجرد سؤالهم رؤية اللَّه - تعالى - ومن هنا يتبين أن الآية لا تدل على استحالة الرؤية كما يقول المعتزلة . وجملة * ( ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ ) * هي محل النعمة والمنة ، وهي معطوفة على قوله تعالى * ( فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ) * ودل العطف بثم على أن بين أخذ الصاعقة والبعث زمانا نتصور فيه المهلة والتأخير . والمراد ببعثهم : إحياؤهم من بعد موتهم ، وهو معجزة لموسى - عليه السلام - استجابة لدعائه . وقد اشتملت الآيتان الكريمتان على تحذير اليهود المعاصرين للعهد النبوي ، من محاربة الدعوة الإسلامية ، حتى لا يصابوا بما أصيب به أسلافهم من الصواعق وغيرها وفيهما أيضا تسلية للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عما لاقاه من اليهود ، لأن ما فعلوه معه قد فعل ما يشبهه آباؤهم مع أنبيائهم ، وفيها كذلك لون جديد من نعم اللَّه عليهم ما أجدرهم بشكرها لو كانوا يعقلون .
137
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 137