نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 127
من ذلك قوله تعالى في سورة الشعراء : فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ . فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ . وأَزْلَفْنا ثَمَّ الآخَرِينَ . وأَنْجَيْنا مُوسى ومَنْ مَعَه أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ « 1 » وبذلك تكون الآيات الكريمة قد ذكرت بنى إسرائيل بنعمة من أجل النعم - وهي نعمة فرق البحر بهم - لكي يشكروا خالقهم عليها ، ويتبعوا نبيه محمدا صلَّى اللَّه عليه وسلم ولكنهم ما قاموا بواجب الشكر لخالقهم ، فحقت عليهم اللعنة في الدنيا والعقوبة في الآخرة ، جزاء جحودهم وطغيانهم وما ربك بظلام للعبيد . رابعا : نعمة عفوه - سبحانه - عنهم بعد عبادتهم للعجل : ثم ذكرهم - سبحانه - بعد ذلك بنعمة رابعة وهي عفوه عنهم رغم جحودهم وكفرهم وعبادتهم لغيره ، فقال تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 51 الى 52 ] وإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِه وأَنْتُمْ ظالِمُونَ ( 51 ) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 52 ) المواعدة : مفاعلة من الجانبين ، وهي هنا على غير بابها ، لأن المراد بها هنا أمر اللَّه - تعالى - لموسى أن ينقطع لمناجاته أربعين ليلة تمهيدا لإعطائه التوراة ، ويؤيد ذلك قراءة أبى عمرو وأبى جعفر ( وعدنا ) . وقيل : المفاعلة على بابها ، على معنى أن اللَّه - تعالى - وعد نبيه موسى - عليه السلام - أن يعطيه التوراة وأمره بالحضور للمناجاة ، فوعد موسى ربه بالطاعة والامتثال فكان الوعد حاصلا من الطرفين . وملخص هذه القصة أن قوم موسى بعد أن نجاهم اللَّه ، وأغرق عدوهم أمام أعينهم ، طلبوا من نبيهم موسى أن يأتيهم بكتاب من عند اللَّه ليعملوا بأحكامه ، فوعده - سبحانه - أن يعطيه التوراة بعد أربعين ليلة ينقطع فيها لمناجاته ، وبعد انقضاء تلك الفترة وذهاب موسى لتلقى التوراة من ربه اتخذ بنو إسرائيل عجلا جسدا له خوار فعبدوه من دون اللَّه ، وأعلم اللَّه موسى
( 1 ) الآيات من 61 - 65 .
127
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 127