responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 118


وهذا مصير كل أمة بدلت نعمة اللَّه كفرا لأن الميزان عند اللَّه للتقوى والعمل للصالح ، وليس للجنس أو اللون أو النسب .
قال الإمام الرازي ما ملخصه : فإن قيل : إن تفضيلهم على العالمين يقتضى تفضيلهم على أمة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلم ، وهذا باطل . فكيف الجواب ؟ قلنا : الجواب من وجوه أقربها إلى الصواب أن المراد : فضلتكم على عالمي زمانكم وذلك لأن الشخص الذي سيوجد بعد ذلك وهو الآن ليس بموجود لم يكن من جملة العالمين حال عدمه ، وأمة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلم ما كانت موجودة في ذلك الوقت ، فلا يلزم من كون بنى إسرائيل أفضل العالمين في ذلك الوقت . أنهم أفضل من الأمة المحمدية .
وهذا هو الجواب أيضا عن قوله - تعالى - : إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ . وعن قوله تعالى : ولَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ « 1 » .
وبهذا يتعين بطلان دعوى اليهود أنهم شعب اللَّه المختار . استنادا إلى هذه الآية الكريمة وأمثالها ، لأنها دعوى لا تؤيدها النصوص ، ولا يشهد لها العقل السليم . ثم قال تعالى :
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 48 ] واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ولا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 48 ) بعد أن ذكرهم - سبحانه - في الآية السابقة بنعمة عظمى من نعمه حذرهم في هذه الآية الكريمة من التقصير في العمل الصالح ، وذلك لأن وصفهم بالتفضيل على عالمي زمانهم قد يحملهم على الغرور ، ويجعلهم يتوهمون أنهم مغفور لهم لو أذنبوا . فجاءت هذه الآية الكريمة لتقتلع من أذهانهم تلك الأوهام بأحكم عبارة وأجمع بيان .
والمراد باتقاء اليوم ، وهو يوم القيامة ، الحذر مما يحدث فيه من أهوال وعذاب ، والحذر منه يكون بالتزام حدود اللَّه - تعالى - وعدم تعديها ، فهو من إطلاق الزمان على ما يقع فيه كما تقول « مكان مخيف » وتنكير النفس في الموضعين وهو في حيز النفي يفيد عموم النفوس . أى :
لا تقضى فيه نفس كائنة من كانت عن نفس أخرى شيئا من الحقوق .
ووصف اليوم بهذا الوصف ، ولم يقل « يوم القيامة » مثلا ، للإشعار بأن التصرف في ذلك اليوم للَّه وحده . فليس فيه ما اعتاد الناس في هذه الدنيا من دفاع بعضهم عن بعض .


( 1 ) تفسير الرازي ج 1 ص 355 .

118

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست