نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 113
قوله تعالى : * ( واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ ) * الاستعانة : طلب المعونة ، والصبر حبس النفس على ما نكره . يقال : صبر على الطاعة . أى حبس نفسه عليها متحملا ما يلاقيه في أدائها من مشاق وصبر عن المعصية . أى كف نفسه عما تنزع إليه من أهواء . والمعنى : واستعينوا على ترك ما تحبون من شهوات الدنيا ، والدخول فيما تستثقله نفوسكم من قبول الإسلام ، والتقيد بتكاليفه بفضيلة الصبر التي تحجز أنفسكم من غشيان الموبقات ، وبفريضة الصلاة التي تنهاكم عن الفحشاء والمنكر . قوله تعالى : * ( وإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ ) * كبيرة : أى صعبة شاقة . يقال كبر الشيء إذا شق وثقل ، ومنه قوله تعالى : كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْه أى ثقل وصعب - والخاشعين : من الخشوع وهو في الأصل اللين والسهولة « ومعناه في الآية الكريمة . الخضوع والاستكانة للَّه تعالى ، والضمير في - إنها - للصلاة لعظيم شأنها واستجماعها لضروب من الصبر ، والاستثناء مفرغ . أى كبيرة على كل الناس إلا على الخاشعين . والمعنى : إن الصلاة صعبة إلا على الخاضعين المخبتين المتطامنة قلوبهم وجوارحهم للَّه تعالى لأنهم موقنون أنها من أهم وسائل الفلاح في الدنيا ، والسعادة في الآخرة ، ولأنهم يجدون عند أدائها اغتباطا وسرورا يجعل نفوسهم تنشط إليها كلما حل وقتها بهمة وإخلاص . قال الإمام الرازي : « فإن قيل : إن كانت ثقيلة على هؤلاء سهلة على الخاشعين ، فيجب أن يكون ثوابهم أكثر ، وثواب الخاشع أقل ، وذلك منكر من القول ؟ قلنا : ليس المراد أن الذي يلحقهم من التعب أكثر مما يلحق الخاشع . وكيف يكون ذلك ، والخاشع يستعمل في الصلاة جوارحه وقلبه ، ولا يغفل فيها وإذا كان هذا فعل الخاشع فالثقل عليه يفعل الصلاة أعظم . وإنما المراد بقوله تعالى : * ( وإِنَّها لَكَبِيرَةٌ ) * . أى ثقيلة على غير الخاشع لأنه لا يعتقد في فعلها ثوابا ، ولا في تركها عقابا ، فيصعب عليه فعلها ، فالحاصل أن الملحد لاعتقاده عدم المنفعة في أدائها ثقل عليه فعلها ، لأن الاشتغال بما لا فائدة فيه يثقل على الطبع . أما الموحد فلما اعتقد في فعلها أعظم المنافع ، وفي تركها أكبر المضار ، لم يثقل عليه أداؤها . بل أداها وهو سعيد بها ، ألا ترى إلى قول الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلم : « جعلت قرة عيني في الصلاة » وصفها بذلك لأنها كانت لا تثقل عليه . ثم وصف - سبحانه - الخاشعين وصفا يناسب المقام ، ويظهر وجه الاستعانة ، فقال - تعالى - : * ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وأَنَّهُمْ إِلَيْه راجِعُونَ ) * . الظن : يرد في أكثر الكلام بمعنى الاعتقاد الراجح ، وهو ما يتجاوز مرتبة الشك ، وقد يقوى حتى يصل إلى مرتبة اليقين والقطع ، وهو المراد هنا ومثل ذلك قوله - تعالى -
113
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 113