نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 101
على ذلك في القرآن ولا من السنة الصحيحة ، وقد قيل : كانت شجرة البر ، وقيل كانت شجرة العنب . وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه ، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به « 1 » . ثم بين القرآن بعد ذلك ما وقع فيه آدم من خطأ فقال : * ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيه ) * أى : اذهبهما عن الجنة بكذبه عليهما ومقاسمته أنه لهما من الناصحين . وأزل من الإزلال وهو الإزلاق : زل يزل زلا وزللا ، أى : زلق في طين أو منطق ، والاسم الزلة . وأزله غيره واستزله : أى أزلقه . أطلق وأريد به لازمه وهو الإذهاب . وقرئ فأزالهما أى : نحاهما من الإزالة ، تقول أزلت الشيء عن مكانه إزالة . أى : نحيته وأذهبته عنه . ثم استعمل هذا اللفظ في ارتكاب الخطيئة كما استعمل في خطأ الرأى مجازا . والضمير في قوله : * ( عَنْها ) * يعود إلى الشجرة ، ومعنى أزلهما عن الشجرة أوقعهما في الزلة بسببها . والتعبير بقوله : * ( فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيه ) * أبلغ في الدلالة على فخامة الخيرات التي كانا يتقلبان فيها مما لو قيل : فأخرجهما من النعيم أو من الجنة لأن من أساليب البلاغة في الدلالة على عظم الشيء أن يعبر عنه بلفظ مبهم كما هنا . لكي تذهب نفس السامع في تصور عظمته وكماله إلى أقصى ما يمكنها أن تذهب إليه . ونسبة إخراجهما من الجنة إلى الشيطان في قوله : * ( فَأَخْرَجَهُما ) * من قبيل نسبة الفعل إلى ما كان سببا فيه ، وذلك أن أكلهما من الشجرة الذي ترتب عليه إخراجهما من الجنة إنما وقع بسبب وسوسة الشيطان لهما . وقوله - تعالى - * ( وقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) * الخطاب فيه لآدم وحواء ، وإبليس ، وقيل الخطاب لآدم وحواء ونسلهما . والهبوط : النزول من أعلى إلى أسفل ضد الصعود . يقال : هبط يهبط ويهبط أى : نزل من علو إلى سفل . والعداوة معناها التناكر والتنافر بالقلوب . أى : قلنا لآدم وحواء والشيطان انزلوا إلى الأرض متنافرين متباغضين ، يبغى بعضكم على بعض . وعداوة الشيطان لآدم نشأت عن حسد وتكبر منذ أن أمر بالسجود له فأبى وامتنع وقال : أنا خير منه .
( 1 ) تفسير ابن جرير ج 1 ص 521 .
101
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 101