نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 529
وهذه الآيات معقبة على الآيات الأولى وفيها إنذار للسامعين الذين وجهت إليهم الدعوة بأسلوب تقريري بالنار المتوهجة المعدة للأشقياء الذين يكذبون الدعوة ويعرضون عنها . أما الذين يتقون اللَّه بالإيمان والعمل الصالح ويعطون أموالهم زكاة ابتغاء وجه ربهم ورضائه ، ودون أن يكون مقابلة لأحد له عليهم نعمة سابقة أو يد سالفة فيجنبونها ، ويكون لهم من اللَّه ما فيه رضاؤهم وطمأنينتهم . وآيات السورة كسابقتها تماما من حيث هي عرض عام للدعوة وتبشير وإنذار بأسلوب آخر هو أيضا هادىء ورصين ورائع . وقد احتوت مثلها تلقينات جليلة . ففيها حث على تقوى اللَّه بالإيمان والعمل الصالح والإنفاق في وجوه البر دون غاية من غايات الدنيا المألوفة وتنويه بجلال هذا العمل . وتلقين بأن المال إنما يفيد صاحبه إذا هو اتجه في طريق الصلاح والخير وأنفقه بسخاء في وجوه البر ابتغاء وجه اللَّه . وأنه شر على صاحبه إذا أثار فيه الغرور والاعتداء وبخل به ولم ينتفع به غيره . وقد جاءت الدعوة فيها إلى إعطاء المال زكاة بصراحة ، وهذا يدعم ترجيحنا من أن تعبير « تزكى » في السورة السابقة قد قصد به زكاة المال . وهكذا يتوالى في المجموعات القرآنية الأولى الحث على الإنفاق والزكاة وفعل الخير ابتغاء وجه اللَّه ورضائه فحسب ، والتنديد بالبخل والغرور بالغنى والمال والتمسك بأعراض الدنيا وشهواتها والإعراض عن الخير والبر ، مما ينطوي فيه أن ذلك من أهم أهداف ومبادئ الدعوة بعد الإيمان باللَّه واليوم الآخر وعبادة اللَّه وحده . وفي هذا ما فيه من بالغ الروعة والجلال . فالمال من أعز الأشياء على أصحابه . والمعوزون أكثر من الميسورين دائما كما أن كل مشروع خيري وإصلاحي عام يحتاج إلى المال في أول ما يحتاج . وقد روى المفسرون [1] أن الآيات [ 17 - 21 ] نزلت في حق أبي بكر رضي
[1] انظر تفسير السورة في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والزمخشري وغيرهم .
529
نام کتاب : التفسير الحديث نویسنده : محمد عزة دروزة جلد : 1 صفحه : 529