نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 280
عبارة وتفسير فلا موضع لها من الإعراب ، ولا ناهية جزمت الفعل ، وقيل : أن مصدرية في موضع رفع تقديره : الأمر ألا تشركوا ، فلا على هذا نافية ، وقيل : أن في موضع نصب بدلا من قوله ما حرم ، ولا يصح ذلك إلا إن كانت لا زائدة وإن لم تكن زائدة فسد المعنى لأن الذي حرم على ذلك يكون ترك الإشراك ، والأحسن عندي أن تكون أن مصدرية في موضع نصب على البدل ولا نافية ولا يلزم ما ذكر من فساد المعنى ، لأن قوله ما حرم ربكم : معناه ما وصاكم به ربكم بدليل قوله في آخر الآية : ذلكم وصاكم به فضمن التحريم معنى الوصية ، والوصية في المعنى أعمّ من التحريم ، لأن الوصية تكون بتحريم وبتحليل ، وبوجوب وندب ، ولا ينكر أن يريد بالتحريم الوصية لأن العرب قد تذكر اللفظ الخاص وتريد به العموم ، كما تذكر اللفظ العام وتريد به الخصوص ، إذ تقرر هذا ، فتقدير الكلام : قل تعالوا أتل ما وصاكم به ربكم ، ثم أبدل منه على وجه التفسير له والبيان ، فقال : أن لا تشركوا به شيئا ، أي وصاكم ألا تشركوا به شيئا ووصاكم بالإحسان بالوالدين ، ووصاكم أن لا تقتلوا أولادكم ، فجمعت الوصية ترك الإشراك وفعل الإحسان بالوالدين وما بعد ذلك ويؤيد هذا التأويل الذي تأولنا : أن الآيات اشتملت على أوامر : كالإحسان بالوالدين وقول العدل والوفاء في الوزن ، وعلى نواهي : كالإشراك وقتل النفس ، وأكل مال اليتيم ، فلا بد أن يكون اللفظ المقدم في أولها لفظا يجمع الأوامر والنواهي ، لأنها أجملت فيه ، ثم فسرت بعد ذلك ، ويصلح لذلك لفظ الوصية لأنه جامع للأمر والنهي ، فلذلك جعلنا التحريم بمعنى الوصية ويدل على ذلك ذكر لفظ الوصية بعد ذلك ، وإن لم يتأول على ما ذكرناه : لزم في الآية إشكال ، وهو عطف الأوامر على النواهي ، وعطف النواهي على الأوامر ، فإن الأوامر طلب فعلها ، والنواهي طلب تركها ، وواو العطف تقتضي الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه ، ولا يصح ذلك إلا على الوجه الذي تأولناه من عموم الوصية للفعل والترك . وتحتمل الآية عندي تأويلا آخر ، وهو : أن يكون لفظ التحريم على ظاهره ، ويعم فعل المحرمات ، وترك الواجبات لأن ترك الواجبات حرام * ( ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ ) * الإملاق الفاقة ، ومن هنا للتعليل تقديره : من أجل إملاق ، وإنما نهى عن قتل الأولاد لأجل الفاقة ، لأن العرب كانوا يفعلون ذلك ، فخرج مخرج الغالب فلا يفهم منه إباحة قتلهم بغير ذلك الوجه * ( ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ ) * قيل ما ظهر : الزنا ، وما بطن : اتخاذ الأخدان والصحيح أن ذلك عموم في جميع الفواحش * ( ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ ) * فسره قول رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه واله وسلَّم : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث :
280
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 280