نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 243
معلمة أنه : لا جناح على من شربها قبل التحريم ، لأنه لم يعص اللَّه بشربها حينئذ ، والآخر أن المعنى رفع الجناح عن المؤمنين فيما طعموا من المطاعم إذا اجتنبوا الحرام منها ، وعلى هذا أخذها عمر رضي اللَّه عنه حين قال لقدامة : إنك إذا اتقيت اللَّه اجتنبت ما حرم عليك ، وكان قدامة قد شربها واحتج بهذه الآية على رفع الجناح عنه ، فقال عمر : أخطأت التأويل * ( إِذا مَا اتَّقَوْا وآمَنُوا ) * الآية قيل : كرر التقوى مبالغة ، وقيل : الرتبة الأولى : اتقاء الشرك ، والثانية اتقاء المعاصي ، والثالثة : اتقاء ما لا بأس به حذرا مما به البأس ، وقيل : الأولى للزمان الماضي والثانية للحال ، والثالثة للمستقبل * ( وأَحْسَنُوا ) * يحتمل أن يريد الإحسان إلى الناس ، أو الإحسان في طاعة اللَّه وهو المراقبة ، وهذا أرجح لأنه درجة فوق التقوى ، ولذلك ذكره في المرة الثالثة وهي الغاية ، ولذلك قالت الصوفية : المقامات ثلاثة : مقام الإسلام ثم مقام الإيمان ثم مقام الإحسان * ( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّه بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ) * أي يختبر طاعتكم من معصيتكم بما يظهر لكم من الصيد مع الإحرام وفي الحرم ، وكان الصيد من معاش العرب ومستعملا عندهم ، فاختبروا بتركه كما اختبر بنو إسرائيل بالحوت [1] في السبت وإنما قلله في قوله : * ( بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ) * إشعارا بأنه ليس من الفتن العظيمة ، وإنما هو من الأمور التي يمكن الصبر عنها * ( تَنالُه أَيْدِيكُمْ ورِماحُكُمْ ) * قال مجاهد : الذي تناله الأيدي الفراخ والبيض ، وما لا يستطيع أن يفرّ ، والذي تناله الرماح كبار الصيد ، والظاهر عموم هذا التخصيص * ( لِيَعْلَمَ اللَّه ) * أي يعلمه علما تقوم به الحجة ، وذلك إذا ظهر في الوجود * ( فَمَنِ اعْتَدى ) * أي بقتل الصيد وهو محرم ، والعذاب الأليم هنا في الآخرة * ( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأَنْتُمْ حُرُمٌ ) * معنى حرم داخلين في الإحرام وفي الحرم ، والصيد هنا عامّ خصّص منه الحديث : الغراب والحدأة ، والفأرة ، والعقرب ، والكلب العقور [2] . وأدخل مالك في الكلب العقور كل ما يؤذي الناس من السباع وغيرها ، وقاس الشافعي على هذه الخمسة : كل ممّا لا يؤكل لحمه ، ولفظ الصيد يدخل فيه ما صيد وما لم يصد مما شأنه أن يصاد وورد النهي هنا عن القتل قبل أن يصاد وبعد أن يصاد ، وأما النهي عن الاصطياد فيؤخذ من قوله [ الآتي ] « وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما » * ( ومَنْ قَتَلَه مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) * مفهوم الآية يقتضي أن جزاء الصيد على المتعمد لا على الناسي ، وبذلك قال أهل الظاهر ،
[1] . حيثما ورد في هذا الكتاب فالمقصود به السمك على اختلاف أنواعه كما هو معروف في المغرب . [2] . الحديث رواه أحمد عن عائشة وأوله : خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم : والحية والغراب : إلخ ج 6 ص 113 .
243
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 243