نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 102
عليه واله وسلَّم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : ذكر اللَّه ، قيل الذكر أفضل أم الجهاد في سبيل اللَّه ؟ فقال : لو ضرب المجاهد بسيفه في الكفار حتى ينقطع سيفه ويختضب دما : لكان الذاكر أفضل منه [1] . الوجه الثاني : أنّ اللَّه تعالى حيث ما أمر بالذكر ، أو أثنى على الذكر : اشترط فيه الكثرة ، فقال : اذكروا اللَّه ذكرا كثيرا ، والذاكرين اللَّه كثيرا ، ولم يشترط ذلك في سائر الأعمال الوجه الثالث : أنّ للذكر مزية هي له خاصة وليست لغيره : وهي الحضور في الحضرة العلية ، والوصول إلى القرب بالذي عبر عنه ما ورد في الحديث من المجالسة والمعية ، فإنّ اللَّه تعالى يقول : أنا جليس من ذكرني [2] ، ويقول : « أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني » متفق عليه من حديث أبي هريرة . وفي رواية البيهقي : وأنا معه حين يذكرني . وللناس في المقصد بالذكر مقامان : فمقصد العامة اكتساب الأجور ، ومقصد الخاصة القرب والحضور ، وما بين المقامين بون بعيد . فكم بين من يأخذ أجره وهو من وراء حجاب ، وبين من يقرب حتى يكون من خواص الأحباب . واعلم أن الذكر على أنواع كثيرة : فمنها التهليل ، والتسبيح ، والتكبير ، والحمد ، والحوقلة ، والحسبلة ، وذكر كل اسم من أسماء اللَّه تعالى ، والصلاة على النبي صلَّى اللَّه عليه واله وسلَّم ، والاستغفار ، وغير ذلك . ولكل ذكر خاصيته وثمرته . وأما التهليل : فثمرته التوحيد : أعني التوحيد الخاص فإنّ التوحيد العام حاصل لكل مؤمن ، وأما التكبير : فثمرته التعظيم والإجلال لذي الجلال ، وأما الحمد والأسماء التي معناها الإحسان والرحمة كالرحمن الرحيم والكريم والغفار وشبه ذلك : فثمرتها ثلاث مقامات ، وهي الشكر ، وقوة الرجاء ، والمحبة . فإنّ المحسن محبوب لا محالة . وأما الحوقلة والحسبلة : فثمرتها التوكل على اللَّه والتفويض إلى اللَّه ، والثقة باللَّه : وأما الأسماء التي معناها الاطلاع والإدراك كالعليم والسميع والبصير والقريب وشبه ذلك : فثمرتها المراقبة . وأما الصلاة على النبي صلَّى اللَّه عليه واله وسلَّم : فثمرتها شدّة المحبة فيه ، والمحافظة على اتباع سنته ، وأما الاستغفار : فثمرته الاستقامة على التقوى ، والمحافظة على شروط التوبة مع إنكار القلب بسبب الذنوب المتقدّمة . ثم إنّ ثمرة الذكر التي تجمع الأسماء والصفات مجموعة في الذكر الفرد وهو قولنا : اللَّه ، اللَّه . فهذا هو الغاية وإليه المنتهى * ( اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ ) * أي بمعونته * ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّه أَمْواتٌ ) * قيل إنها نزلت في الشهداء المقتولين
[1] . رواه الترمذي في كتاب الدعاء ص 458 ج 5 عن أبي سعيد الخدري وأوله : أي العباد أفضل درجة عند اللَّه يوم القيامة قال : الذاكرون اللَّه كثيرا والذاكرات ، قلت ومن الغازين في سبيل اللَّه ؟ قال لو ضرب » . [2] . قال عنه العجلوني في كشف الخفاء : رواه البيهقي في الشعب عن أبي بن كعب أوله : قال موسى عليه السلام يا رب : أقريب أنت فأناجيك أو بعيد فأناديك ؟ فقيل له يا موسى : أنا . . . » .
102
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 102