responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 82


فالجواب أن هذا من تحريف الطائفتين أما الجبري فيقال له اقتران الفعل عندك بمشيئة العبد بمنزلة اقترانه بكونه وشكله وسائر أغراضه التي لا تأثير لها في الفعل فإن نسبة جميع أغراضه إلى الفعل في عدم التأثير نسبة إرادية عندك والاقتران حاصل بجميع أغراضه فما الذي أوجب تخصيص المشيئة سوى الله سبحانه في فطر الناس أو عقولهم أو شرائعهم بين نسبة المشيئة والإرادة إلى الفعل ونسبة سائر أغراض الحي إذا كان عندك ليس إلا مجرد الاقتران عادة والاقتران العادي حاصل مع الجميع وأما القدري فتحريفه أشد لأنه حمل المشيئة على الأمر وقال المعنى وما تشاؤون إلا بأمر الله وهذا باطل قطعا فإن المشيئة في القرآن لم تستعمل في ذلك وإنما استعملت في مشيئة التكوين كقوله ( ولو شاء ربك ما فعلوه ) وقوله ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ) وقوله ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) وقوله ( أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ) ونظائر ذلك مما لا يصح فيه حمل المشيئة على الأمر البتة والذي دلت عليه الآية مع سائر أدلة التوحيد وأدلة العقل الصريح أن مشيئة العباد من جملة الكائنات التي لا توجد إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى فما لم يشا لم يكن البتة كما أن ما شاء كان ولا بد ولكن ههنا أمرا يجب التنبيه عليه وهو أن مشيئة الله سبحانه تارة تتعلق بفعله وتارة تتعلق بفعل العبد فتعلقها بفعله وهو أن يشاء من نفسه إعانة عبده وتوفيقه وتهيئته للفعل فهذه المشيئة تستلزم فعل العبد ومشيئته ولا يكفي في وقوع الفعل مشيئة الله لمشيئة عبده دون أن يشاء فعله فإنه سبحانه قد يشاء من عبده المشيئة وحدها فيشاء العبد الفعل ويريده ولا يفعله لأنه لم يشأ من نفسه إعانته عليه وتوفيقه له وقد دل على هذا قوله تعالى ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) وقوله ( وما يذكرون إلا أن يشاء الله ) وهاتان الآيتان متضمنتان إثبات الشرع والقدر والأسباب والمسببات وفعل العبد واستناده إلى فعل الرب ولكل منهما عبودية مختص بها فعبودية

82

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست