responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 81


ولهذا يأمر سبحانه عباده أن يذكروا ما في كتابه كما قال ( خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) وإذا كان كذلك فأحق وأولى وأول من كان ذاكرا له من أنزل عليه ثم لقومه ثم لجميع العالمين وحيث خص به المتقين فلأنهم الذين انتفعوا بذكره وأما وصفه بأنه ذو الذكر فلأنه مشتمل على الذكر فهو صاحب الذكر ومنه الذكر فهو ذكر وفيه الذكر كما أنه هدى وفيه الهدى وشفاء وفيه الشفاء ورحمة وفيه الرحمة وقوله سبحانه ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) بدل من العالمين وهو بدل بعض من كل وهذا من أحسن ما يستدل به على أن البدل في قوة ذكر عاملين مقصودين فإن جهة كونه ذكرا للعالمين كلهم غير جهة كونه ذكرا لأهل الاستقامة فإنه ذكر للعموم بالصلاحية والقوة وذكر لأهل الاستقامة بالحصول والنفع فكما أن البدل أخص من المبدل منه فالعامل المقدر فيه أخص من العامل الملفوظ في المبدل منه ولا بد من هذا فتأمله وقوله ( لمن شاء منكم ) رد على الجبرية القائلين بأن العبد لا مشيئة له أو أن مشيئته مجرد علامة على حصول الفعل لا ارتباط بينها وبينه إلا مجرد اقتران عادي من غير أن يكون سببا فيه وقوله ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) رد على القدرية القائلين بأن مشيئة العبد مستقلة بإيجاد الفعل من غير توقف على مشيئة الله بل متى شاء العبد الفعل وجد ويستحيل عندهم تعلق مشيئة الله بفعل العبد بل هو يفعله بدون مشيئة الله فالآيتان مبطلتان لقول الطائفتين فإن قال الجبري هو سبحانه لم يقل إن الفعل واقع بمشيئة العبد بل أخبر أن الاستقامة تحصل عند المشيئة ونحن قائلون بذلك وقال القدري قوله ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) مختلفة فمشيئة العبد هي الموجبة للفعل التي بها يقع ومشيئة الله لفعله هو أمره بذلك ونحن لا ننكر ذلك .

81

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست