نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 60
ومن قرأ المجيد بالكسر فهو صفة لعرشه سبحانه وإذا كان عرشه مجيدا فهو سبحانه أحق بالمجد وقد استشكل هذه القراءة بعض الناس وقال لم يسمع في صفات الخلق مجيد ثم خرجها على أحد الوجهين إما على الجوار وإما أن يكون صفة لربك وهذا من قلة بضاعة هذا القائل فإن الله سبحانه وصف عرشه بالكرم وهو نظير المجد ووصفه بالعظمة فوصفه سبحانه بالمجد مطابق لوصفه بالعظمة والكرم بل هو أحق المخلوقات أن يوصف بذلك لسعته وحسنه وبهاء منظره فإنه أوسع كل شيء في المخلوقات وأجمله وأجمعه لصفات الحسن وبهاء المنظر وعلو القدر والرتبة والذات ولا يقدر قدر عظمته وحسنه وبهاء منظره إلا الله ومجده مستفاد من مجد خالقه ومبدعه والسماوات السبع والأرضون السبع في الكرسي الذي بين يديه كحلقة ملقاة في أرض فلاة والكرسي فيه كتلك الحلقة في الفلاة قال ابن عباس السماوات السبع في العرش كسبعة دراهم جعلن في ترس فكيف لا يكون مجيدا وهذا شأنه فهو عظيم كريم مجيد وأما تكلف هذا المتكلف جره إلى الجوار أو أنه صفة لربك فتكلف شديد وخروج عن المألوف في اللغة من غير حاجة إلى ذلك وقوله ( فعال لما يريد ) دليل على أمور أحدها أنه سبحانه يفعل بإرادته ومشيئته الثاني أنه لم يزل كذلك لأنه لم يزل كذلك لأنه ساق ذلك في معرض المدح والثناء على نفسه وأن ذلك من كماله سبحانه فلا يجوز أن يكون عادما لهذا الكمال في وقت من الأوقات وقد قال تعالى 16 : 17 ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) وما كان من أوصاف كماله ونعوت جلاله لم يكن حادثا قعد أن لم يكن الثالث أنه إذا أراد شيئا فعله فإن ما موصولة عامة أي يفعل كل ما يريد أن يفعله وهذا في إرادته المتعلقة بفعله وأما إرادته المتعلقة بفعل العبد فتلك لها شأن آخر فإن أراد فعل العبد ولم يرد من نفسه أن يعينه ويجعله فاعلا لم يوجد الفعل وإن أراده حتى يريده من نفسه أن يجعله فاعلا وهذه هي النكتة التي خفيت على القدرية والجبرية وخبطوا في مسألة القدر لغفلتهم عنها فإن هنا إرادتين إرادة أن يفعل العبد وإرادة أن يجعله الرب فاعلا وليستا متلازمتين وإن لزم من
60
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 60