نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 59
البطش ومع ذلك هو الغفور الودود المتودد إلى عباده بنعمه الذي يود من تاب إليه وأقبل عليه وهو الودود أيضا أي المحبوب قال البخاري في صحيحه الودود الحبيب والتحقيق أن اللفظ يدل على الأمرين على كونه وادا لأوليائه ومودودا لهم فأحدهما بالوضع والآخر باللزوم فهو الحبيب المحب لأوليائه يحبهم ويحبونه وقال شعيب عليه السلام ( إن ربي رحيم ودود ) وما ألطف اقتران اسم الودود بالرحيم وبالغفور فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبه وكذلك قد يرحم من لا يحب والرب تعالى يغفر لعبده إذا تاب إليه ويرحمه ويحبه مع ذلك فإنه يحب التوابين وإذا تاب إليه عبده أحبه ولو كان منه ما كان ثم قال ذو العرش فأضاف العرش إلى نفسه كما تضاف إليه الأشياء العظيمة الشريفة وهذا يدل على عظمة العرش وقربه منه سبحانه واختصاصه به بل يدل على غاية القرب والاختصاص كما يضيف إلى نفسه بذو صفاته القائمة به كقوله ذو القوة ذو الجلال والإكرام ويقال ذو العزة وذو الملك وذو الرحمة ونظائر ذلك فلو كان حظ العرش منه حظ الأرض السابعة لكان لا فرق أن يقال ذو العرش وذو الأرض ثم وصف نفسه بالمجيد وهو المتضمن لكثرة صفات كماله وسعتها وعدم إحصاء الخلق لها وسعة أفعاله وكثرة خيره ودوامه وأما من ليس له صفات كمال ولا أفعال حميدة فليس له من المجد شيء والمخلوق إنما يصير مجيدا بأوصافه وأفعاله فكيف يكون الرب تبارك وتعالى مجيدا وهو معطل عن الأوصاف والأفعال تعالى الله عما يقول المعطلون علوا كبيرا بل هو المجيد الفعال لما يريد والمجد في لغة العرب كثرة أوصاف الكمال وكثرة أفعال الخير وأحسن ما قرن اسم المجيد إلى الحميد كما قالت الملائكة لبيت الخليل عليه السلام ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) وكما شرع لنا في آخر الصلاة أن نثني على الرب تعالى بأنه حميد مجيد وشرع في آخر الركعة عند الاعتدال أن نقول ربنا ولك الحمد أهل الثناء والمجد فالحمد والمجد على الاطلاق لله الحميد المجيد فالحميد الحبيب المستحق لجميع صفات الكمال والمجيد العظيم الواسع القادر الغني ذو الجلال والإكرام .
59
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 59