responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 40


غنم فلان إذا تهيأت للولادة وكذلك إذا ولدت وغزرت ألبانها أي يسرت ذلك على أصحابها انتهى والتيسير للعسرى يكون بأمرين أحدهما أن يحول بينه وبين أسباب الخير فيجري الشر على قلبه ونيته ولسانه وجوارحه والثاني أن يحول بينه وبين الجزاء الأيسر كما حال بينه وبين أسبابه فإن قيل كيف قابل اتقى باستغنى وهل يمكن العبد أن يستغني عن ربه طرفة عين قيل هذا من أحسن المقابلة فإن المتقي لما استشعر فقره وفاقته وشدة حاجته إلى ربه اتقاه ولم يتعرض لسخطه وغضبه ومقته بارتكاب ما نهاه عنه فإن من كان شديد الحاجة والضرورة إلى شخص فإنه يتقي غضبه وسخطه عليه غاية الاتقاء ويجانب ما يكرهه غاية المجانبة ويعتمد فعل ما يحبه ويؤثره فقابل التقوى بالاستغناء تبشيعا لحال تارك التقوى ومبالغة في ذمه بأن فعل فعل المستغني عن ربه لا فعل الفقير المضطر إليه الذي لا ملجأ له إلا إليه ولا غنى له عن فضله وجوده وبره طرفة عين فلله ما أحلى هذه المقابلة وما أجمع هاتين الآيتين للخيرات كلها وأسبابها والشرور كلها وأسبابها فسبحان من تعرف إلى خصائص عباده بكلامه وتجلى لهم فيه فهم لا يطلبون أثرا بعد عين ولا يستبدلون الحق بالباطل والصدق بالمين وقد تضمنت هاتان الآيتان فصل الخطاب في مسألة القدر وإزالة كل لبس وإشكال فيها وذلك بين بحمد الله لمن وفق لفهمه ولهذا أجاب بها النبي صلى الله عليه وسلم من أورد عليه السؤال الذي لا يزال الناس يلهجون به في القدر فأجاب بفصل الخطاب وأزال الإشكال ففي الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة والنار قيل يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) فقد تضمن هذا الحديث الرد على القدرية والجبرية وإثبات القدر والشرع وإثبات الكتاب الأول المتضمن لعلم الله سبحانه الأشياء قبل كونها وإثبات خلق الفعل الجزائي وهو يبطل أصول القدرية الذين يمنعون خلق الفعل مطلقا ومن أقر منهم بخلق فعل الجزاء دون

40

نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست